قال المصنف رحمه الله تعالى:[والإيمان بأن الميت يقعد في قبره، ويرسل الله فيه الروح حتى يسأله منكر ونكير عن الإيمان وشرائعه، ثم تسل روحه بلا ألم، ويعرف الميت الزائر إذا أتاه، وينعَّم في القبر المؤمن، ويعذب الفاجر كيف شاء الله].
يجب على المؤمن أن يؤمن بأن الميت يقعد في قبره إذا مات، فيرسل الله فيه الروح حتى يسأله منكر ونكير -وهما ملكان- عن الإيمان وشرائعه، وجاء في الحديث أنه يسأل عن ربه، وعن دينه، وعن نبيه، فيقال له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فالمؤمن يثبته الله فيقول: الله ربي، والإسلام ديني، ومحمد نبيي، والكافر لا يستطيع أن يجيب ويقول: هاه هاه لا أدري، هاه هاه لا أدري، هاه هاه لا أدري، فيضرب بمرزبة من حديد ويقال له: لا دريت ولا تليت، فيصيح صيحة يسمعها كل من خلق الله إلا الثقلين، ثم تسل روح المؤمن بلا ألم كما تسل الشعرة من العجين، وأما الكافر فإنها تنزع روحه نزعاً كما ينزع السفّود من الصوف المبلول.
قوله:(ويعرف الميت الزائر إذا أتاه) هذا يحتاج إلى دليل، لكن جاء الدليل بأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم عليه مؤمن فإنه يرد عليه السلام، وأما أنه يعرف الزائر فهذا يحتاج إلى دليل.
وقال في الحاشية: وردت عدة أحاديث بأن الميت يعرف الزائر إذا زاره ويستأنس به، لكن لا تصح، فهذا يحتاج إلى دليل، والأصل أن الميت لا يعرف؛ فقد انتهى وانقطع عمله إلا ما دل عليه الدليل كأن يسمع قرع نعال المولين.
قوله:(وينعم في القبر المؤمن، ويعذب الفاجر كيف شاء الله) هذا أمر معروف، فالمؤمن يفتح له باب إلى الجنة، والكافر يفتح له باب إلى النار، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، وأما المؤمن فيفسح له في قبره مد البصر.