[مراتب الصحابة في الفضل]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وأفضل هذه الأمة والأمم كلها بعد الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين أبو بكر وعمر وعثمان، هكذا روي لنا عن ابن عمر قال: (كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا: إن خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان، ويسمع النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فلا ينكره).
ثم أفضل الناس بعد هؤلاء علي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة عامر بن الجراح، وكلهم يصلح للخلافة.
ثم أفضل الناس بعد هؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، القرن الأول الذي بعث فيهم، المهاجرون الأولون والأنصار، وهم من صلى القبلتين.
ثم أفضل الناس بعد هؤلاء من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً أو شهراًَ أو سنة، أو أقل من ذلك أو أكثر، نترحم عليهم، ونذكر فضلهم، ونكف عن زللهم، ولا نذكر أحداً منهم إلا بخير، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا ذكر أصحابي فأمسكوا).
وقال سفيان بن عيينة: من نطق في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلمة فهو صاحب هوى].
فأهل السنة والجماعة يعتقدون أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، ولكن يقال: إن خير هذه الأمة بعد نبيها عيسى عليه السلام؛ لأنه إذا نزل يكون فرداً من أفراد هذه الأمة المحمدية؛ لأن كل نبي بعثه الله أخذ عليه الميثاق: لئن بعث محمد وأنت حي لتتبعنه، وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم وعيسى حي، لذلك فإنه ينزل في آخر الزمان فيكون فرداً من أفراد هذه الأمة المحمدية، فهو خير هذه الأمة بعد نبيها؛ لأنه نبي وصحابي أيضاً؛ فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج حياً، وبقية الأنبياء رأوه وقد ماتوا بأرواحهم، أما عيسى فرفع بجسده وروحه؛ لأن الصحابي هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على الإسلام.
فيصدق القول: بأن عيسى خير هذه الأمة، ثم بعد عيسى أبو بكر الصديق، وهذا بإجماع أهل السنة والجماعة: أن خير هذه الأمة أبو بكر بعد الأنبياء، ثم يليه عمر بن الخطاب، ثم يليه عثمان، ثم يليه علي.
والمؤلف رحمه الله لم يذكر إلا ثلاثة، وكان ينبغي له أن يذكر الأربعة، فخير هذه الأمة -بعد الأنبياء- أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، هكذا.
وفي حديث ابن عمر: كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا: إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان -أظن لفظ الأثر فيه (ثم) - فيسمع بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره.
قال المؤلف: (ثم أفضل الناس بعد هؤلاء علي) والصواب أن علياً مع الخلفاء الثلاثة، فهم الخلفاء الراشدون، وترتيبهم في الفضيلة كترتيبهم في الخلافة، يعني: هم مرتبون في الخلافة وفي الفضيلة، أما ترتيبهم في الخلافة فهذا بالإجماع، وأما ترتيبهم في الفضيلة فاختلف فيه، لأن هناك رواية عن أبي حنيفة أن علياً أفضل من عثمان، وأما الخلافة فالخلافة لـ عثمان ثم علي.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن هذه المسألة مسألة سهلة، أي: مسألة الخلاف في الفضيلة هل عثمان أفضل أو علي؟ مسألة سهلة، فلا يبدع المخالف ولا يضلل، إنما الذي يبدع ويضلل من خالف في مسألة الخلافة، أي: من قال إن علياً أحق بالخلافة من عثمان، فهذا ضال، بل هو أضل من حمار أهله؛ لأنه تنقص المهاجرين والأنصار؛ لأنهم أجمعوا على تقديم عثمان ومبايعته بالخلافة.
والإمام أبي حنيفة قد روي عنه أنه رجع عن هذه الرواية فكان مع الجمهور في أن عثمان أفضل من علي، فيكون إجماعاً للأمة، على أن ترتيبهم في الخلافة وفي الفضيلة، أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، ثم بقية العشرة المبشرين بالجنة: طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمر بن نفيل وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة عامر بن الجراح وهو أمين هذه الأمة، هؤلاء الستة بقية العشرة المبشرين بالجنة، وكلهم يصلح للخلافة، أي: كل واحد من العشرة يصلح أن يكون خليفة.
ثم أفضل الناس بعد هؤلاء أصحاب القرن الأول الذين بعث فيهم، وهم المهاجرون الأولون والأنصار، والصواب أن في هذا ترتيباً وأن أفضلهم أهل بدر، ثم أهل بيعة الرضوان الذين بايعوا تحت الشجرة وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة، ثم المهاجرون، ثم الأنصار، فالترتيب يكون أولاً: الخلفاء الراشدون الأربعة، ثم بقية العشرة المبشرون بالجنة، ثم أهل بدر، ثم أهل بيعة الرضوان، ثم المهاجرون، ثم الأنصار، والسابقون الأولون أفضل من غيرهم.