قال المؤلف رحمه الله تعالى:[والإيمان بالرؤية يوم القيامة يرون الله عز وجل بأبصار رءوسهم وهو يحاسبهم بلا حجاب ولا ترجمان].
يعني: يجب على المسلم أن يؤمن برؤية الله تعالى يوم القيامة، وأن المؤمنين يرون ربهم بأبصار رءوسهم، والنصوص في إثبات الرؤية كثيرة من القرآن العزيز ومن السنة المطهرة، قال تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}[القيامة:٢٢ - ٢٣]، فالأولى:{نَاضِرَةٌ}[القيامة:٢٢]، من النضارة والبهاء والحسن، بالضاد أخت الصاد، والثانية:{إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}[القيامة:٢٣]، بالظاء يعني: تنظر إلى ربها.
قال العلماء: إن هذه الآية صريحة في أن الرؤية تكون بالعين التي في الوجه؛ لأن الله تعالى أضاف النظر إلى الوجه الذي هو محله، أي: أضاف النظر إلى الوجوه التي هي محل العين، وعداه بأداة (إلى) الصريحة في النظر بالعين التي في الوجه إلى الرب.
وهكذا أخذ الكلام من قرينة تدل على اختلاف موضعه وحقيقته، فدل ذلك على أن المراد النظر بالعين التي في الرأس إلى الرب سبحانه.
ومن الآيات الدالة على الرؤية كذلك قوله سبحانه:{كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}[المطففين:١٥]، فدل على أن المؤمنين ليسوا بمحجوبين، وقوله سبحانه:{وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ}[ق:٣٥]، جاء تفسير (مزيد) بالنظر إلى وجه الله الكريم.
وقال سبحانه:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}[يونس:٢٦]، فالحسنى هي الجنة، والزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم، جاء تفسير هذه الآية بهذا في صحيح مسلم، من حديث صهيب رضي الله عنه.
والسنة جاءت بإثبات رؤية المؤمنين لربهم عز وجل يوم القيامة، والنصوص في هذا متواترة في الصحاح والسنن والمسانيد، قال العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه (هادي الأرواح إلى بلاد الأفراح): رواها من الصحابة نحو ثلاثين صحابياً في الصحاح والسنن والمسانيد، وقال: إن أهل السنة والجماعة يتلون هذه النصوص ولا شيء أقر لأعينهم من ذلك، فهم يتلونها ويستدلون بها، ويورثها السابق للاحق، ويرويها المتأخر عن المتقدم.