قال المصنف رحمه الله تعالى:[واعلم أن أرواح الشهداء في قناديل تحت العرش تسرح في الجنة، وأرواح المؤمنين تحت العرش، وأرواح الكفار والفجار في بَرَهُوت، وهي في سجين].
قوله:(واعلم أن أرواح الشهداء في قناديل تحت العرش تسرح في الجنة) هذا جاء في الحديث: (أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة، فترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش)، وهذا ثابت، وذلك أن الشهيد لما بذل جسمه لله حتى قتل الجسم ومزق وتلف عوض الله الروح جسماً آخر تتنعم بواسطته في حواصل طير خضر.
وأما المؤمنون غير الشهداء فإن أرواحهم تتنعم وحدها بدون جسم، وفي الحديث:(نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة) يعني: أنه يأكل حتى يرجعه الله إلى جسمه يوم يبعثه، فروح المؤمن تكون طائراً فتتنعم وحدها، وأما روح الشهيد فإنها تتنعم بواسطة حواصل طير خضر، إذاً: فتنعم أرواح الشهداء أكبر من تنعم أرواح سائر المؤمنين؛ لأن الشهيد بذل جسده لله فعوضه الله جسداً آخر تتنعم الروح بواسطته.
قوله:(واعلم أن أرواح الشهداء في قناديل تحت العرش تسرح في الجنة، وأرواح المؤمنين تحت العرش) جاء في الحديث: (نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة)، ومعلوم أن الجنة تحت العرش.
(وأرواح الكفار والفجار في برهوت)، قيل: إنها بئر في حضرموت، وقال المؤلف هنا:(وهي في سجين)، وسجين في الأرض السابعة، وهذا قول لبعضهم، وهناك أقوال كثيرة، فبعضهم يقول: أرواحهم عن يسار آدم، والصواب: أن أرواح المؤمنين في الجنة، وأرواح الكفار في النار، فانظر إلى هذا التفاوت بينهما.
وأما القول بأن أرواح الكفار في برهوت وهي بئر في حضرموت فهذا لا دليل عليه.
فأرواح المؤمنين في الجنة، فالمؤمن إذا مات نقلت روحه إلى الجنة، ولها صلة بالجسد، فتتنعم مفردة وتتنعم بواسطة الجسد، وأرواح الكفار تنقل إلى النار ولها صلة بالجسد، فالقول بأن أرواح الكفار في برهوت قول ضعيف ولا دليل عليه، (يقول: وهي بئر عميقة بحضرموت لا يستطاع النزول إلى قعرها، ولا يصح حديث بأن أرواح الكفار في برهوت).