[وجوب الاقتصار على ما جاء في الكتاب والسنة والنهي عن التنطع والتعمق]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن اقتصر على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه والجماعة، فلج على أهل البدع كلها، واستراح بدنه، وسلم له دينه إن شاء الله؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ستفترق أمتي)، وبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناجين منها فقال: (ما كنت أنا عليه اليوم وأصحابي)، فهذا هو الشفاء والبيان، والأمر الواضح، والمنار المستنير، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياكم والتعمق، وإياكم والتنطع، وعليكم بدينكم العتيق)].
(من اقتصر على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه الجماعة من اقتصر على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه والجماعة فلج) أي: ظفر وفاز بالمطلوب، وفلج غيره، أي: غلب غيره بحجة.
والجماعة: هم المؤمنون الذين اجتمعوا على الحق، فإذا اقتصر الإنسان على ما جاء في القرآن والسنة، وعلى ما كان عليه الصحابة فإنه يفلج أهل البدع، أي: يغلبهم بالحجة ويظفر ويفوز ببغيته.
(واستراح بدنه، وسلم له دينه إن شاء الله) وهكذا حال المؤمن الذي يلزم الكتاب والسنة والجماعة، فهو يظفر بالمطلوب ويفوز به، ويغلب أهل البدع كلهم، ويستريح بدنه ويسلم له دينه.
(لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة)) وجاء في الحديث السابق.
(كلها في النار إلا واحدة) , وبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناجي من هذه الفرق بقوله: (من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)، وهذا (هو الشفاء والبيان، والأمر الواضح، والمنار المستنير)، أي: هذا الذي بينته لك من أنه يجب الاقتصار على السنة والجماعة، والحذر من أهل البدعة هو الشفاء، وهذا هو البيان، وهذا هو الأمر الواضح، وهذا هو المنار المستنير.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياكم والتعمق، وإياكم والتنطع، وعليكم بدينكم العتيق) هذا الأثر نسبه المؤلف إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال في الحاشية: إن هذا ليس من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه من قول ابن مسعود.
(إياكم والتعمق) أي: أن يتعمق الإنسان ويريد أن يصل إلى ما لم يصل إليه غيره, فيتعمق في السؤال عن الأشياء التي لا يحتاج إليها، وهو قريب من معنى التنطع، فكون الإنسان يتنطع بلسانه ويتعمق بفكره، فيسأل عن أشياء لا حاجة له بها.
(وعليكم بدينكم العتيق) أي: القديم.