له بين الركن والمقام، ورجل يخرج من وراء النهر فيبايع له، ورجل يخرج بعد موت خليفة، ورجل يخرج اسمه الحارث، ورجل يصلحه الله في ليلة.
فجوابه: أن يقال: إن الذي ذكره ابن محمود ههنا وزعم أنه مع أشخاص متعددين يدور على رجلين؛ أحدهما المهدي، الذي جاء في الحديث أن الله يصلحه في ليلة، وهو الذي يخرج من المدينة هاربًا إلى مكة فيبايع له بين الركن والمقام، ويكون ذلك بعد موت خليفة، وبعد اختلاف يكون بعد موت ذلك الخليفة. وأما الرجل الذي يخرج من وراء النهر فهو الذي اسمه الحارث، وهو من أعوان المهدي وأنصاره، وليس هو الذي يبايع له كما زعم ذلك ابن محمود، وإنما يبايع للمهدي.
والحديث الوارد في الحارث ضعيف، وقد تقدم التنبيه على ذلك قريبًا، ولا يخفى ما في كلام ابن محمود من المغالطة والتلبيس.
وقد لحن ابن محمود في قوله: كما زعم دعاة المهدي والمتعصبين لصحة خروجه، وصوابه: والمتعصبون بالرفع؛ لأنه معطوف على فاعل زعم.
وأما قوله: لهذا يجب طرح فكرة المهدي جانبًا، فعندنا كتاب الله نستغني به عن كل دعي مفتون، كما أن لدينا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فجوابه: أن يقال: إن خروج المهدي في آخر الزمان ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه متعددة، وليس ذلك من قبيل الأفكار كما زعم ذلك ابن محمود تقليدًا لأحمد أمين، وقد ذكرت الأحاديث الثابتة في المهدي في أول الكتاب فلتراجع (١)، وما كان ثابتًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فطرحه حرام، ومن طرحه متعمدًا فإنه يخشى عليه من الفتنة والعذاب الأليم، قال الله -تعالى-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، وقال -تعالى-: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}، وقال -تعالى-: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}، وقال -تعالى-: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}.
وأما قوله: فعندنا كتاب الله نستغني به عن كل دعي مفتون، كما أن لدينا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فجوابه من وجهين؛ أحدهما: أن يقال: إن المهدي الذي جاءت بذكره الأحاديث .....