الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس من الأدعياء المفتونين، حاشا وكلا، وإنما هو من الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين، الذين يعملون بالسنة ويملئون الأرض قسطًا وعدلا، ولا يضره إنكاره من أنكره من العصريين، ومن يقلدهم ويحذو حذوهم من ذوي الجراءة على رد الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الوجه الثاني: أن يقال: إن كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لا يستغنى بهما عن أئمة العدل الذين يعملون بهما، ويحملون الناس على العمل بهما، وينصفون المظلوم من الظالم، وقد تقدم الجواب عن هذا الزعم الباطل في أثناء الكتاب بأبسط من هذا فليراجع (١).
وأما قوله: وأرجو بهذا البيان أن تستريح نفوس الحائرين، ويعرفوا رأي أهل العلم والدين في هذه المشكلة التي تثار من آن لآخر.
فجوابه من وجوه؛ أحدها: أن يقال: ليس في كلام ابن محمود شيء من البيان البتة، وإنما هو تمويه وتلبيس ومغالطة ومجازفة، من أول الرسالة إلى آخر كلامه في يأجوج ومأجوج، وكلامه مما يزيد الحائرين حيرة وضلالا عن الحق الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الوجه الثاني: أن يقال: إنما تستريح نفوس الحائرين إلى خبر الصادق المصدوق -صلوات الله وسلامه عليه- لا إلى زبالة أذهان العصريين وآرائهم الفاسدة المعاكسة لأخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمن أراد لنفسه الراحة في شأن المهدي وغيره فليتمسك بما جاء عن الله -تعالى-، وما رواه الثقات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يلتفت إلى ما خالف ذلك من أقوال الناس وتفكيراتهم وآرائهم.
الوجه الثالث: أن يقال: من أطرح الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المهدي أو في غيره متعمدا فليس بأهل أن يُعد من أهل العلم والدين، وإنما يوصف بضد ذلك، وليس لهؤلاء حرمة ولا كرامة، قال الله -تعالى-: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}.
الوجه الرابع: أن يقال: لا يخفى على من له أدنى علم وفهم ما في كلام ابن محمود من الإعجاب برأيه المخالف للأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المهدي، ..................