والاضطراب البتة، وما زعمه رشيد رضا فهو في الحقيقة مجازفة وليس بمعلوم.
وأما قوله: وردت أحاديث في المهدي منها ما حكموا بقوة إسناده ولكن ابن خلدون عني بإعلالها وتضعيفها كلها.
فجوابه: أن يقال: إن ابن خلدون لم يضعف أحاديث المهدي كلها كما قد زعم ذلك رشيد رضا، وإنما ضعف غالبها كما قد تقدم التنبيه على ذلك، وعلى تقدير أنه عني بإعلالها وتضعيفها كلها، فهل يظن رشيد رضا ومن قلده واعتمد على قوله الباطل، أن ابن خلدون أعلم برجال الحديث من الأئمة الحفاظ الذين قبلوا الأحاديث الثابتة في المهدي، وحكموا بقوة أسانيدها؟ وهل يظنون أن ابن خلدون أعلم بصحيح الحديث وسقيمه من الترمذي، وابن حبان، والعقيلي، والحاكم، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والذهبي، وزين الدين العراقي، وابن حجر العسقلاني، والهيثمي وغيرهم من الحفاظ النقاد؟ كلا، بل الذي لا يُشك فيه أن ابن خلدون لا يداني واحدًا ممن ذكرنا، فضلا عن المساواة، فاعتناؤه بإعلال أحاديث المهدي وتضعيفها مردود بتصحيح هؤلاء لجملة منها، وقد ذكرت ذلك في أول الكتاب فليراجع (١).
وأما قوله: ومن استقصى ما ورد في المهدي المنتظر من الأخبار والآثار، وعرف مواردها ومصادرها، يرى أنها كلها منقولة عن الشيعة.
فجوابه: أن يقال: أما الأحاديث والآثار الثابتة في المهدي فليس للشيعة علاقة بها، وليس في رواتها أحد منهم، وكذلك الأحاديث الضعيفة التي تشهد لها الأحاديث الصحيحة وتؤيدها، فهذه أيضًا ليس في رواتها أحد من الشيعة، وأما الأحاديث المنكرة والأحاديث الموضوعة فوجودها كعدمها، سواء كانت منقولة عن أهل السنة أو عن الشيعة.
وأما قوله: أما سائر المسلمين فالأمر عندهم أهون، فإن منكر المهدي عندهم لا يعد منكرًا لأصل من الدين.
فجوابه: أن يقال: هذا من التقول على المسلمين، وبيان ذلك من وجهين؛ أحدهما: أن يقال: إن المنكر للمهدي إنما هو منكر لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث علي، وابن مسعود، وأبي سعيد، وأبي هريرة، وأم سلمة، وجابر -رضي الله عنهم- أنه أخبر بخروج ...........