يقومون بجد ونشاط إلى أبطال فكرة المهدي وفساد اعتقاده وسوء عاقبته عليهم وعلى أولادهم من بعدهم وعلى أئمة المسلمين وعامتهم.
وأقول: لا يخفى ما في هذا الكلام من الحث على معارضة الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المهدي ونبذها وإطراحها، وقد قال الله -تعالى-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، والله المسئول أن يعيذ المسلمين عامة والعلماء والطلاب خاصة مما دعاهم إليه ابن محمود من معارضة الأحاديث في المهدي.
ومن ذلك زعمه في صفحة (٢٧) أن أحاديث المهدي ما هي إلا أحاديث خرافة، تلعب بالعقول وتوقع في الفضول، وهي لا تتفق مع سنة الله في خلقه ولا مع سنة رسول الله في رسالته، ولا يقبلها العقل السليم، وهذا من مجازفاته ومكابراته في رد الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المهدي ووصفها بالصفات الذميمة، أما عند الرجل دين يحجزه عن المجازفات والمكابرات والتهجم على أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقلة المبالاة بها؟!
ومن ذلك زعمه في صفحة (٢٧) أن الجهل بأحكام الدين وحقائقه وعقائده الصحيحة هو الذي أدى بأهله إلى وضع خمسين حديثًا في المهدي عند أهل السنة.
وأقول: إن الجهل كل الجهل في رد الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المهدي بدون مستند صحيح، بل مجرد الرأي والتقليد لبعض العصريين الذين يعتمدون على تفكيراتهم الخاطئة في معارضة الأحاديث الثابتة وردّها.
ومن ذلك زعمه في صفحة (٢٧) أن الأحاديث الواردة في المهدي هي التي أفسدت العقول، وهذا من مكابراته، ومن زعم أن شيئًا من الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يفسد العقول فلا شك في فساد تصوره ووقوع الخلل في عقيدته.
ومن ذلك زعمه في صفحة (٢٧) أن علماء الأمصار قاموا بجد ونشاط إلى تحذير قومهم من اعتقاد المهدي وصحة خروجه، وهذا الزعم مبني على التوهم والتمويه؛ لأن أكثر علماء الأمصار كانوا على خلاف ما نسبه إليهم، ولا يعرف إنكار المهدي إلا عن أفراد قليلين من العصريين، وقد ذكرت أسماءهم عند الجواب على هذه الجملة من كلام ابن محمود، فليراجع ذلك في موضعه (١).