وفي صفحة (٢٧) أنكر ابن محمود على العلماء الذين يصدعون على رؤوس الناس بصحة خروج المهدي، وزعم أنهم يسيرون في طريق مخالف، وأنهم يحجرون رأي الجمهور على اعتقاد ما تربوا عليه في صغرهم، وما تلقوه عن آبائهم ومشايخهم.
وأقول: إن المُنكَر في الحقيقة هو إنكار ابن محمود على العلماء الذين قابلوا الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرضي والتسليم، وصدعوا على رؤوس الناس بصحة ما جاء فيها من خروج المهدي في آخر الزمان، فهؤلاء هم المصيبون بخلاف الذين عارضوا الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ووصفوها بالصفات الذميمة تقليدًا لبعض العصريين، فهؤلاء هم الذين يسيرون في طريق مخالف لطريق أهل الحق، وهم الذين يحجرون رأي الجمهور على الأقوال الباطلة، ومن المنكر أيضًا رميه العلماء المتمسكين بالأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المهدي بأنهم يعتقدون ما تربوا عليه في صغرهم، وأنهم يقلدون الآباء والمشايخ، وهذه الصفات لا تنطبق عليهم، وإنما تنطبق على من رماهم بما هم بريئون منه.
ومن ذلك قوله في صفحة (٢٧): "إنهم لو رجعوا إلى التحقيق المعتبر لأحاديث المهدي المنتظر من كتابنا هذا، وفكروا في الأحاديث التي يزعمونها صحيحة ومتواترة وقابلوا بعضها ببعض، لظهر لهم بطريق اليقين أنها ليست بصحيحة ولا صريحة ولا متواترة، لا باللفظ ولا بالمعنى".
وأقول: أما التحقيق الذي أحال عليه وزعم أنه تحقيق معتبر فليس فيه تحقيق البتة، وإنما هو تخليط وتمويه وتلبيس ومجازفة في معارضة الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المهدي، ولا تروج أوهامه إلا على ضعفاء البصيرة.
ومن ذلك ما ذكره في صفحة (٢٨) عن بعض العلماء أنهم يشمأزون وتشتد كراهيتهم لرسائل العصريين وبحوثهم التي يعالجون فيها إنكار خروج المهدي في آخر الزمان، ثم زعم أن من واجبهم تلقِّي هذه العلوم والبحوث بالرحب وسعة الصدر، والتدبر والتفكر في مدلولها، والتزود مما طاب منها، ليزدادوا علمًا إلى علمهم.
وأقول: لا يخفى ما في هذا الكلام الباطل من الحث على معارضة الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وتكذيب أخباره الصادقة عن المهدي، وما كان معارضًا للأحاديث الثابتة أو داعيًا إلى معارضتها فهو جهل صرف، وليس فيه علم نافع ..............................