يتزود منه، والعلماء الذين يشمأزون وينفرون وتشتد كراهيتهم للرسائل والبحوث التي يعالج أصحابها إنكار خروج المهدي في آخر الزمان هم المصيبون، ومن أنكر ذلك عليهم فقوله هو المنكر في الحقيقة.
ومن ذلك أنه في صفحة (٢٩) وضع عنوانًا سماه "عقيدة المسلم مع المهدي" قرر فيه إنكار خروج المهدي، وزعم أن ذلك هو الحق الذي يعتقده ويدعو الناس إلى العلم به والعمل بموجبه، وهذا التقرير لا يطابق العنوان، وإنما المطابق له أن يقول:"عقيدة المنكرين للمهدي".
ومن ذلك قوله في صفحة (٢٩): "لقد علق بعقائد العامة وبعض العلماء وجود مهدي في عالم الغيب، لا يعلمون مكانه ولا زمانه، فمنهم من يؤمن به ويصدق بظهوره وينكر على من أنكره، ومنهم من ينكر وجود المهدي بتاتًا، ويطعن في صحة الأحاديث الواردة فيه، ويزعم بأنها مصنوعة ومكذوبة على رسول الله".
وأقول: إن علماء أهل السنة وعوامهم قديمًا وحديثًا يؤمنون بما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خروج المهدي في آخر الزمان، وفي علوق وجود المهدي بعقائدهم دليل على تحقيقهم للشهادة بالرسالة، وأما كون المهدي في عالم الغيب الآن فذلك لا ينفي خروجه إلى عالم الحس والمشاهدة في آخر الزمان، وليس العلم بمكان المهدي وزمانه شرطًا من شروط الإيمان بخروجه كما قد توهم ذلك ابن محمود، ومن أنكر وجود المهدي بتاتًا، وطعن في صحة الأحاديث الثابتة فيه، وزعم أنها مصنوعة ومكذوبة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا شك أنه مكابر ومعرِّض نفسه للفتنة أو العذاب الأليم، لقول الله -تعالى-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
ومن ذلك قوله في صفحة (٢٩): "إن الحق الذي يعتقده ويدعو الناس إلى العلم به والعمل بموجبه هو أنه لا مهدي بعد رسول الله كما أنه لا نبي بعده".
وأقول: لا شك أنه قد اعتقد الباطل المخالف للكتاب والسنة والإجماع، ودعا الناس إلى اعتقاده، وقد تقدم بيان ذلك في أول الكتاب فليراجع (١).
ومن ذلك قوله في صفحة (٢٩): "إن المهدي ليس بملك معصوم ولا نبي مرسل".