للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأقول: هذه المجازفة ناشئة عن فساد التصور، وهي مردودة بالأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في خروج المهدي وحسن سيرته.

وفي صفحة (٣٩) وضع عنوانًا سماه "التحقيق المعتبر عن أحاديث المهدي المنتظر"

وأقول: إن هذا العنوان مبني على المجازفة والإيهام والتوهم؛ لأن كلام ابن محمود في أحاديث المهدي ليس فيه تحقيق البتة فضلا عن أن يكون فيه تحقيق معتبر، وإنه لينطبق عليه قول الشاعر:

يقضي على المرء في أيام محنته ... حتى يرى حسنًا ما ليس بالحسن

وهل يقول عاقل إن معارضة الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المهدي، ووصفها بالصفات الذميمة يعد من التحقيق المعتبر؟ كلا، لا يقول ذلك عاقل أبدًا.

ومن ذلك قوله في صفحة (٣٩): "اعلم أن أحاديث المهدي تدور بين ما يزعمونه صحيحًا وليس بصريح وبين ما يزعمونه صريحًا وليس بصحيح، وإننا بمقتضى الاستقراء والتتبع لم نجد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثًا صحيحًا صريحًا يعتمد عليه في تسمية المهدي، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تكلم فيه باسمه".

وأقول: قد ثبت في المهدي أحاديث كثيرة من الصحاح والحسان، ولبعضها عدة طرق مروية بالأسانيد الثابتة، وفي بعضها التصريح باسم المهدي، وقد ذكرتها في أول الكتاب فلتراجع (١) ففيها أبلغ رد على مزاعم ابن محمود، ولو أن ابن محمود سَلِمَ من تقليد رشيد رضا ومحمد فريد وجدي وأحمد أمين وأمثالهم من العصريين المعارضين للأحاديث الثابتة في المهدي، لكان حريًا أن يوفق لوجود الأحاديث الثابتة التي جاء فيها التصريح باسم المهدي، وقد روي الإمام أحمد وأبو داود عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «حبك الشيء يعمي ويصم».

ومن ذلك قوله في صفحة (٣٩): "وقد نزَّه البخاري ومسلم كتابيهما عن الخوض في أحاديث المهدي، كما أنه ليس له ذكر في القرآن".

وأقول: قد ذكر هذا القول الباطل في صفحة (٦) وصفحة (٣١)، وهو مما قلد فيه رشيد رضا وأحمد أمين والمستشرق دونلدسن، وقد تقدم التنبيه على ذلك (٢).


(١) ص (٩ - ١٧).
(٢) ص (٣٧١ - ٣٨٨).

<<  <   >  >>