عليكم كتداعي الأكلة على قصعتها، وقد أقبلوا عليكم من كل حدب ينسلون حين استدعاهم استنشاق رائحة البترول في بلدان العرب المسلمين، وهذا هو حقيقة الفتح لهم، والذي عناه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله:«ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا» وقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى".
وأقول: إن هذا الكلام بهذا السياق غير موجود في رسالة ابن سعدي، ولو أن ابن محمود نسبه إلى نفسه وذكر أنه أخذه أو أخذ بعضه من مضمون كلام ابن سعدي لكان أولى له من الإطلاق الموهم أن الكلام لابن سعدي، ولا يخفى ما في هذا الكلام الباطل من المجازفة التي لا يقولها من له أدنى مسكة من عقل، وهل يقول عاقل إن المسلمين منذ زمان نبيهم - صلى الله عليه وسلم - إلى سنة ألف وثلاثمائة وتسع وخمسين من الهجرة كانوا في غمرة من الجهل ساهون في أمر يأجوج ومأجوج، حتى طلع عليهم ما زعم المتكلف أنه نور هداية ودلالة؟! كلا، لا يقول ذلك عاقل، وقد تقدم الجواب عما في كلامه من الأباطيل مفصلا في أثناء لكلام على ما يتعلق بيأجوج ومأجوج فليراجع هناك (١).
وفيما ذكره الله -تعالى- في كتابه عن السد ويأجوج ومأجوج، وما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك كفاية وغنية عن أقوال الناس وتخرصاتهم وتوهماتهم، فيجب على المسلم أن يتمسك بما جاء في الكتاب والسنة، وينبذ ما خالفهما وراء ظهره.
ومن ذلك زعمه في صفحة (٧٥) أن ابتداء حركة يأجوج ومأجوج في ظهورهم على المسلمين من غزوة مؤتة حين غزاهم المسلمون لدعوتهم إلى الإسلام، ثم صار ظهورهم يزداد عامًا بعد عام.
وأقول: هذا زعم باطل مردود؛ لأن المسلمين إنما غزوا الروم في يوم مؤتة، فأما يأجوج ومأجوج فمحازون بالسد الذي بناه ذو القرنين، ولا يمكن الاتصال بهم فضلا عن غزوهم ودعوتهم إلى الإسلام، ولا يخرجون من السد إلا عند اقتراب الساعة بعد نزول عيسى وقتل الدجال.
ومن ذلك زعمه في صفحة (٧٦) أن رسالة ابن سعدي في يأجوج ومأجوج على صفة ما ذكره في تفسريه، وأقول هذا خلاف الواقع؛ لأن ما قرره ابن سعدي في تفسيره يخالف ما قرره في رسالته، وكان طبعه للتفسير بعد إخراجه للرسالة بسبع ..........................