للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عشرة سنة، وهذا يدل دلالة ظاهرة على أنه قد رجع عما في الرسالة.

ومن ذلك زعمه في صفحة (٧٦) أن ابن سعدي برهن عن حقيقة رسالته، وأنها تصدق القرآن وتزيل اللبس والشك عنه، وترد على الملحدين قولهم وسوء اعتقادهم، لهذا تبين للعلماء حسن قصده، وزال عن الناس ظلام الأوهام وضلال أهل الزيغ والبهتان، وصار لهذه الرسالة الأثر الكبير في إخماد نار الفتنة بيأجوج ومأجوج، حتى استقر في أذهان العلماء والعوام صحة ما قاله بمقتضى الدليل والبرهان.

وأقول: هذا مما أتى به ابن محمود من كيسه ولا صحة لشيء منه، وقد تقدم الجواب عنه مفصلا فليراجع (١).

ومن ذلك ما نقله في صفحة (٧٧) من رسالة ابن سعدي أنه قال: "إن يأجوج ومأجوج هم الأمم الموجودون الآن؛ كالترك، والروس، ودول البلقان، والألمان، وإيطاليا، والفرنسيين، والإنجليز، واليابان، والأمريكان، ومن تبعهم من الأمم".

وأقول: هذا قول باطل مردود بالأدلة من الكتاب والسنة، وقد تقدم بيان ذلك مع الجواب عن هذه الجملة فليراجع (٢).

ومن ذلك قوله في صفحة (٧٨): "إن هناك جبلين متقابلين متصلين بمشارق الأرض ومغاربها، وليس للناس في تلك الأزمان طريق إلا من تلك الفجوة التي بين السدين، فبني ذو القرنين سدًا محكمًا بين الجبلين، فتم بنيانه للردم بين الناس وبين يأجوج ومأجوج، وبقي ما شاء الله أن يبقى، ثم بعد ذلك ظهروا على الناس من جميع النواحي والجبال والبحار، فتحركوا في وقت النبي - صلى الله عليه وسلم - في أول قتال وقع من المسلمين مع النصارى في وقعة مؤتة، وهذا هو مبدأ تحركهم لقتال المسلمين والخروج عليهم".

وأقول: كل ما ذُكِر ههنا فهو باطل وضلال، وهل يقول عاقل إنه يوجد في الأرض جبلان متقابلان متصلان بمشارق الأرض ومغاربها؟ كلا، لا يقول ذلك من له أدنى مسكة من عقل، وكذلك لا يقول عاقل له علم ومعرفة إن يأجوج ومأجوج ...................


(١) ص (٣٣٦ - ٣٣٨).
(٢) ص (٣٤٠ - ٣٤٦).

<<  <   >  >>