مع الشهادتين بقية أركان الإسلام كما قال جبريل عليه الصلاة والسلام لما سأله عن الإسلام وكما قال للأعرابي الذي جاءه ثائر الرأس يسأله عن الإسلام» جامع العلوم والحكم (ص٨٤).
٥ - ومن خلال ما تقدم يتبين أن الكلام كله في الكافر الأصلي وأما لو جاءنا مسلم وقال: سأكتفي بصلاتين فقط لهذا الحديث، فنقول: إن هذا لا يقبل منه أبداً لما تقدم تقريره، والله أعلم.
ـ[وددت بيان حكم هذا الحديث، مشفوعًا بكلام أهل العلم المتقدمين من جهة السند والمتن، إن كانت ثمت علل، وهو ما رواه أبوداود والترمذي والنسائي وأحمد (بأسانيدهم) عن أبي جريٍّ جابر بن سليم الهجيمي رضي الله عنه قال: رأيت رجلاً يَصْدُرُ الناسُ عن رأيه لا يقول شيئاً إلا صَدَرُوا عنه. قلت: من هذا؟ قالوا: هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قلت: عليك السلام يا رسول الله، مرتين. قال:"لا تقل: عليك السلام، فإِنّ عليك السلام تحية الميت، قل: السلام عليك". قال: قلت: أنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟. قال:"أنا رسول الله الذي إذا أصابك ضُرُّ فدعوته كشفه عنك، وإن أصابك عام سنةٍ فدعوته أنبتها لك، وإذا كنت بأرضٍ قفراء أو فلاةٍ فضلت راحلتك فدعوته ردها عليك، قال: قلت: اعهد إليَّ. قال: "لا تسبَّنَّ أحداً، قال: فما سببت بعده حرّاً ولا عبدا ولا بعيرا ولا شاة. قال: "ولا تحقرنَّ شيئاً من المعروف، وإن تكلم أخاك وأنت منبسطٌ إليه وجهك؛ إنَّ ذلك من المعروف، وارفع إزارك إلى نصف الساق، فإِن أبيت فإِلى الكعبين، وإياك وإسبال الإِزار فإِنها من المخيلة، وإن الله لا يحب المخيلة، وإن امرؤٌ شتمك وعيرك بما يعلم فيك فلا تعيره بما تعلم فيه، فإِنما وبال ذلك عليه. ]ـ
هذا الحديث من أوسع الأحاديث التي مرت عليّ من حيث الألفاظ والروايات، وهو جديرٌ بأن يفرد بجزء يجمع طرقه ورواياته وألفاظه - فمرة يروى مطولا ومرة مختصرا-، وكذلك يجمع أقوال النقاد في الكلام عليه!، خاصةً وأنَّ الحديث متضمن لوصايا عظيمة من لدن النبي ? لهذا الصحابي الجليل، وهذه الوصايا تشمل:
-أموراً عقدية لذا خرجه بعض من كتب في عقيدة السلف منهم الدارمي في رده المريسي.
-وأحكاماً شرعية من الأوامر والنواهي لذا خرجه من عني بأحاديث الأحكام.
-وآدابا وأخلاقا زكية لذا خرجه من عني بأحاديث الآداب والفضائل والترغيب والترهيب.
قال ابن عبد البر في ترجمة جابر بن سليم:«له حديث حسنٌ في وصية رسول الله إياه» الاستيعاب (١/ ٢٢٥).