عوام المسلمين الذين لا يعرفون الأدلة، ولا يفهمونها، فهم عاجزون عن الاجتهاد، فلا يسعهم إلا التقليد، ولا فلاق في ذلك بين المسائل الاعتقادية، والمسائل العملية فهذا مقدورهم لكن عليهم أن يقلدوا من العلماء من يثقون بعلمه، ودينه متجردين عن إتباع الهوى، والتعصب.
هذا هو الصواب في هذه المسألة، وأما القول بتحريم التقليد في مسائل الاعتقاد؛ فهو قول طوائف من المتكلمين من المعتزلة وغيرهم، وهو يقتضي أن عوام المسلمين آثمون أو غير مسلمين، وهذا ظاهر الفساد.
ـ[وما مراد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في قوله (معرفة دين الإسلام بالأدلة)؟ وجزاكم الله خيرا. ]ـ
وأما قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب: ومعرفة دين الإسلام بالأدلة فهو كما قال، فإن الواجب أن يعرف المسلم أمور دينه بأدلتها من الكتاب، والسنة إذا كان مستطيعا لذلك، وهذا هو الواجب، إما أن يكون فرض عين في مسائل، وإما أن يكون فرض كفاية في مسائل أخرى.
وأصل دين الإسلام هو معرفة الله والإيمان به، وهو يحصل بالنظر، والاستدلال ويحصل بمقتضى الفطرة التي فطر الله الناس عليها إذا سلمت من التغيير، واختلف الناس في اشتراط النظر والاستدلال في معرفة الله، وهل يصح إسلام العبد بدونه أو لا؟
على مذاهب ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: تنازع النظار في مسألة وجوب النظر المفضي إلى معرفة الله تعالى على ثلاثة أقوال: فقالت طائفة من الناس: إنه يجب على كل أحد.
وقالت طائفة: لا يجب على أحد.
وقال الجمهور: إنه يجب على بعض الناس دون بعض فمن حصلت له المعرفة لم يجب عليه، ومن لم تحصل له المعرفة ولا الإيمان إلا به وجب عليه، وذكر غير واحد أن هذا قول جمهور المسلمين، كما ذكر ذلك أبو محمد بن حزم في كتابه المعروف "بالفصل في الملل والنحل" فقال: في مسألة: هل يكون مؤمنا من اعتقد الإسلام دون استدلال أم لا يكون مؤمنا مسلما إلا من استدل؟