للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ـ[التبرك بآثار الصالحين والتمسح بذواتهم. هل نقول: إنه شرك أصغر؟ أم نقول: إنه بدعة؟ وكذلك التمسح بالكعبة، والتعلق بأستارها؟ طبعا لا يدخل في السؤال استلام الركنين؟ ]ـ

الحمد لله، كان الصحابة رضي الله عنهم يتبركون بآثار النبي صلى اله عليه وسلم كالماء الذي يتوضأ به، ويقطر من بدنه، ويتبركون بشعره، كما قسم صلى الله عليه وسلم شعره يوم حلق رأسه في حجته بين بعض الصحابة، وبثيابه صلى الله عليه وسلم؛ لأن ذاته مباركة، وهو أطيب إنسان نفسا، وقلبا، وخلقا، وأكملهم إيمانا، وتقوى، ولا يبلغ أحد منزلته في شيء من ذلك، ولهذا لم يكن الصحابة يفعلون مع ساداتهم كأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والحسن، والحسين ـ رضي الله عنهم ـ مثلما يفعلون مع النبي صلى الله عليه وسلم من التبرك، فلا يقاس به صلى الله عليه وسلم غيره من الصالحين.

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز، أو استحباب التبرك بآثار الصالحين، ولكنه قول مرجوح، فإن ذلك من خصوصياته صلى الله عليه وسلم لما تقدم من بيان منزلته، واقتصار الصحابة في ذلك على شخصه الكريم صلى الله عليه وسلم.

وفي التبرك بآثار الرجل الصالح مفسدتان:

الأولى: أن ذلك مدعاة لاغتراره، وإعجابه بنفسه؛ ففيه فتنة له.

الثانية: أنه يجر إلى الغلو فيه مما يكون وسيلة إلى الشرك الأصغر، أو الأكبر.

وبهذا يعلم أن التبرك بأثر الرجل الصالح ليس بمجرده شرك، لكن قد يكون وسيلة إلى الشرك، كما أن القول بجواز التبرك بالصالحين يؤدي إلى تبرك الجهال بمن يظنون به الصلاح، وليس بصالح كما هو الواقع في طوائف الصوفية.

وينبغي أن يعلم أن البركة التي يرجى حصولها بسبب الرجل الصالح هي:

الاقتداء به في خلقه، ودينه، والاستفادة من علمه، وذلك يحصل بمجالسته، والأخذ عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>