للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ـ[س ٩: أرجو المسامحة شيخنا الجليل، فقد أثقلتُ عليكم، ولكنها فرصة العمر أن نراكم هنا ونقدر على سؤالكم والانتفاع بعلومكم، فبارك الله لنا فيكم، وحفظكم.

سؤال: ما رأيكم شيخنا الجليل في الأحاديث المضروب عليها، ولا أقصد التي ضرب عليها النساخ، فهذه قد علمنا أنها خطأ من النساخ، ولكن أقصد تلك الأحاديث التي ضرب عليها أصحاب الكتب أنفسهم، ولم يُحَدِّثوا بها، أو رفضوا التحديث بها؟

ومن أمثلة ذلك (ونرجو من الشيخ الاستفاضة حوله): «المسند» للإمام أحمد، فقد ضرب الإمام أحمد على أحاديث، وأمر ابنَه عبد الله بالضرب عليها، ومع ذلك لا زالت هذه الأحاديث في المسند، فما هو رأي فضيلتكم؟ وما معنى الضرب عليها هنا؟ هل ضرب عليها لعلة وفقط؟ أم ضرب عليها ولم يُحَدِّث بها بمعنى أنه لم يرضها في تصانيفه؟ وهل علينا الآن أن نثبتها في متون الكتب؟ أم نضعها في حواشي الكتب؟ نرجو الإفاضة في هذا الأمر من كافة جوانبه؟ ]ـ

الأحاديث المضروب عليها إما أن تكون سبب الضرب عليها الانحراف العقدي أو ضعف الراوي من حيث الشذوذ والنكارة، وغير ذلك.

أما الانحراف العقدي فهو ما حصل في موقف بعض الأمة النُّقَّاد والحُفَّاظ في فتنة خلق القرآن، حيث قاطع الإمام أحمد كل من أجاب بفتنة خلق القرآن وقال بخلقه، وأمر ولده عبد الله بعدم رواية أحاديثهم.

قال أبو زرعة: «كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن علي بن الجعد، ولا سعيد بن سليمان، ورأيت في كتابه مضروباً عليهما، ولا يرى الكتابة عن أبي نصر التمار، ولا عن أبي معمر، ولا يحيى بن معين، ولا أحد ممن امتحن فأجاب».

والخبر رواه أبو زرعه والخطيب بإسناده إليه، وكذا ابن الجوزي، وغيرهما.

وفيهم أئمة وغيرهم لم يذكروا في هذا النص كالإمام علي بن المديني، ودافع عنهم الحفاظ، وشهدوا لهم بالحفظ والإتقان، فهذا الحافظ الذهبي يقول بعد ذكره موقف الإمام أحمد من أبي نصر التمار: «قلت: أجاب تقية وخوفاً من النكال، وهو ثقة بحاله ولله الحمد» «سير أعلام النبلاء» ج /٥٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>