للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمتى وجدنا في كلام أحد المتقدمين الحكم به كان معتمدا لما أعطاهم الله من الحفظ الغزير وإن اختلف النقل عنهم عدل إلى الترجيح) اهـ.

وهؤلاء مصدر هذا العلم، وكل من ينتهج منهجهم في التصحيح والتضعيف يعد من علماء العلل، بخلاف من يصحح الأسانيد ويضعفها ويحسنها بناء على أحوال الرواة.

وفي الحقيقة أن هذا العلم لا يختلف عن العلوم الأخرى التي نجد الناس يقدرونها بفطرتهم، ويحترم المتخصصون فيها من هو أكثر تخصصا، ويسلمون لهم الأمور المتصلة بها إذا أشكلت عليهم؛ كالطب والهندسة والفيزياء وغيرها. لكن هذا العلم عند كثير من الناس مثل الهوى الذي يعد حقا للناس جميعا في هذه الأرض. والواجب أن يكون هذا العلم من أكثر العلوم احتراما لأنه يتصل بكلام النبي صلى الله عليه وسلم، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم تحذير شديد من التساهل في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم. قيضنا الله تعالى وإياكم جميعا للدفاع عن الكتاب والسنة خالصة لوجهه الكريم كما قيض عباده الصالحين لذلك.

ـ[وسؤالي فضيلة الشيخ حول هذه المقولة: حديث فيه ضعف والعمل عليه عند أهل العلم وهي مقولة موجودة في أكثر كتب المصطلح والتخريج فما هو دليل هذه المقولة وكيف يعمل أهل العلم بحديث ضعيف ومن المقصود بأهل العلم؟ ]ـ

كان الإمام الترمذي يكثر من هذه المقولة، ومعناها أن الحديث وإن كان ضعيفا من حيث الرواية لكنه جرى العمل به في عصور الصحابة والتابعين، وبالتالي فإن الحديث له أصل قوي قد يرتقي إلى الصحة أو الحسن.

وأما إذا كان العمل مبنيا على هذا الحديث الضعيف، إما تساهلا من بعض الفقهاء، فلا يدل قطعا على أن الحديث له أصل. وهنا نجد الفرق واضحا بين قول الإمام الترمذي وبين ما يردده كثير من المتأخرين في كتب الفقه. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>