ومما أنبه عليه أنّ خبر الواحد الذي توفرت فيه شروط القبول يفيد العمل باتفاق أهل السنة، وأنه حجة سواء أكان في العقائد أم في الأحكام أم في غيرها، وأدلة هذا كثيرة من الكتاب والسنة الصحيحة وعمل الصحابة، وقد عني كثير من العلماء في هذا العصر بتحرير هذه المسألة وتصنيف الكتب فيها، ومن هذه المصنفات كتاب: حجية السنة النبوية للشيخ عبد الغني عبد الخالق، وكتاب: وجوب الأخذ بأحاديث الآحاد في العقيدة والأحكام للشيخ الألباني-رحمه الله-، وكتاب: أخبار الآحاد في الحديث النبوي، حجيتها، مفادها، العمل بموجبها للشيخ عبد الله الجبرين.
ـ[ما الفرق بين مسند البزار المعلل وعلل الدارقطني، وبماذا يفسر منهج الأخير في العلل والسنن، وتباين ذلك. ]ـ
من أهم الفروق التي تظهر لي بين مسند البزار المعلل وعلل الدارقطني:
- أنَّ البزار عني بجمع الغرائب والأفراد، ولذا تجده ينبه على ذلك بعد رواية الحديث، ولذا كان كتابه من أشهر الكتب التي هي مظنة الأحاديث الأفراد، قَالَ ابنُ حجر: ((تنبيه: من مظان الأحاديث الأفراد: مسند أبي بكر البزار، فإنه أكثر فيه من إيراد ذلك وبيانه، وتبعه أبو القاسم الطبراني في "المعجم الأوسط"، ثم الدارقطني في"كتاب الأفراد"، وهو ينبئ على اطلاع بالغ، ويقع عليهم التعقب فيه كثيراً بحسب اتساع الباع وضيقه، أو الاستحضار وعدمه، وأعجب من ذلك أن يكون المتابع عند ذلك الحافظ نفسه!، فقد تتبع العلامة مغلطاي على الطبراني ذلك في جزء مفرد. وإنما يحسن الجزم بالإيراد عليهم حيث لا يختلف السياق، أو حيث يكون المتابع ممن يعتبر به، لاحتمال أن يريدوا شيئاً من ذلك بإطلاقهم والذي يرد على الطبراني، ثم الدارقطني من ذلك أقوى مما يرد على البزار لأنَّ البزارَ حيثُ يحكم بالتفرد إنما ينفي علمه، فيقول:"لا نعلمه يروي عن فلان إلا من حديث فلان"، وأما غيره، فيعبر بقوله:"لم يروه عن فلان إلا فلان"، وهو وإن كان يلحق بعبارة البزار على تأويل، فالظاهر من الإطلاق خلافه، والله أعلم)) النكت على كتاب ابن الصلاح (٢/ ٧٠٨).
ومعرفة الأفراد والغرائب من أهم وسائل الكشف عن العلة كما قال ابن الصلاح في مقدمته (ص٨١): «ويستعان على إدراكها-يعني العلة- بتفرد الرواي» وأمَّا أبو الحسن الدارقطني فعني في كتابه العلل بجمع الأحاديث التي وقع فيها اختلاف على أحد الرواة.
- ومن الفروق أنّ الدارقطني يوضح لك الاختلافات ويحدد مدار الحديث وكيفية وقوع الخلاف فهو مدرسة في تعليم العلل وتسهيلها على طلاب هذا الفن، والبزار ربما فعل هذا، ولكن بقلة مقارنة بعمل الدارقطني في كتابه.