٢ ـ أنَّ أبا بكر كتب مصحفًا واحدًا بما يوافق رسم ما بقي من الأحرف السبعة، أما عثمان بن عفان، فنسخ من هذا المصحف عدة مصاحف، ولم يحذف منه شيئًا.
٣ ـ أنَّ أبا بكر لم يلزم المسلمين باتباع المصحف الذي كتبه، ولم يكن هذا من مقاصده لما أمر بكتابة المصحف، لذا بقي الصحابة يُقرئون بما سمعوه من الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكان في ذلك المقروء كثير من المنسوخ بالعرضة الأخيرة.
أما عثمان، فألزم المسلمين باتباع المصحف الذي أرسله، ووافقه على ذلك الصحابة، لذا انحسرت القراءة بما نسخ من الأحرف السبعة، وبدأ بذلك معرفة الشاذ من القراءات، ولو صح سندها، وثبت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - بها.
وبهذا يكون أكبر ضابط في تشذيذ القراءة التي صح سندها، ولم يقرأ بها الأئمة = كونها نسخت في العرضة الأخيرة.
[علاقة الأحرف السبعة بلغات العرب]
لا يخفى على من يقرأ في موضوع الأحرف السبعة ارتباطها بلغات العرب، بل إنَّ بعض العلماء جعل سبع لغات من لغاتها هي المقصودة بالأحرف السبعة، وفي ذلك إهمال لوجوه اختلافات لا تنتج عن كونها من لغة دون لغة.
ولعل من أكبر ما يشير إلى أنَّ اللغات تدخل في الأحرف السبعة كون القرآن بقي فترة من الزمن يقرأ بلسان قريش، حتى نزلت الرخصة بالأحرف السبعة، فظهرت الأحرف التي هي من لغات غير قريش.
ومما يشير إلى ذلك ما ورد من نهي عمر ابن الخطاب لابن مسعود من أن يقرئ بلغة هذيل، ولا يتصور أن يقرئ ابن مسعود بما لم ينْزل ويأذن به النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وفي تحديد اللغات التي هي أسعد حظًّا بنُزول القرآن خلاف بين العلماء، ويظهر أنَّ في ذلك صعوبة في بعض مواطن الاختلاف في تحديد القبيلة التي تقرأ بهذا الوجه دون غيرها، كما قد تشترك أكثر من لغة في وجه من الوجوه، فيكون نسبه إلى لغة أحدها دون غيرها قصور في ذلك.