ـ[فضيلة الشيخ الطريفى السلام عليكم ورحمه الله. وفقكم الله لكل خير: لا يكاد يخلو كتاب من كتب المصطلح من مبحث أحاديث الصحيحين وأن الأمه قد تلقت كتابيهما بالقبول إلا أنه فى الواقع العملى نرى أن هؤلاء الذين نقلوا هذا التلقي من الأمة قد يحكمون على بعض الزيادات بأنها شاذه ولا يلزم من ذلك أن تكون هذه الأحاديث مما انتقدت على الشيخين من قبل وقد فعل هذا من الحفاظ مثل الذهبى والعسقلانى وابن تيمية وابن القيم والسيوطى وغيرهم، فهل نقول أن هذا التلقى هو الأصل إلا أن يتبين فى الحديث علة؟ ولكن إذا قلنا ذلك فقد رجعنا من حيث بدأنا لأن كل من ضعف حديثاً سوف يقول ذلك جزاكم الله خيراً. ]ـ
صحيح البخاري ومسلم هما أصح الكتب بعد كتاب، وقد تلقتهما الأمة بالقبول، وسبق أن ذكرت أنه لا يوجد حديث واحد في الصحيحين ضعيف بتمامه وأصله، وإما من أعل من أهل العلم فإما أن يكون أعل بما لا يقدح أو قوله مرجوح، وأما الكلام على الزيادة والألفاظ في الصحيحين فهي لا تعني طعناً في نفس الخبر وتضعيفاً له، بل إن هذا الباب مفتوح لمن ملك الأهلية في النظر لا أن يأخذ بهواه، ولا يخالف هذا تلقي الأمة بالقبول، فالأمة تلقت أخبار الصحيحين بالقبول بالجملة، لا أنها تلقتها بالقبول بالحروف والألفاظ، فهذا ليس إلا للقرآن فهو الذي قبوله فرض على الأعيان بحروفه وألفاظه، فالذي عليه أهل العلم هو قبول أخبار الصحيحين بالجملة، لا يوجد خبر واحد منها ضعيف بتمامه وأصله، ومن بان له منهم إعلال للفظة أو زيادة من وجه صحيح فله ذلك، وهذا ليس بقادح بذات الخبر فهو مقبول لدى الجميع، فأهل العلم قد أجمعوا على أن ما ينقل إلينا من أحاديث صحيحة في الصحيحين وغيرهما لم يكن النبي (صلى الله عليه وسلم) تلفظ بها بحروفها جميعها، بل منها ما روي بالمعنى من عارف بمعاني ألفاظه (عليه الصلاة والسلام)، وعلى هذا يدل صنيعهم في مصنفاتهم ومسائلهم، فنقد الألفاظ لا نقد الخبر بتمامه من عالم عارف بوجوه النظر في إعلال الاخبار سائغ، وهذا الذي عليه المحققون من الأئمة الحفاظ كالنووي وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والذهبي وغيرهم.