كما أنهم في معرفة الانقطاع والاتصال لم يكتفوا بمجرد وجود المعاصرة بين الرواة ولا اللقاء فيما بينهم بل يتتبعون الأدلة والقرائن التي تدل على أن هذا الراوي سمع الحديث ممن فوقه، أو أنه لم يسمعه منه، على الرغم من وجود المعاصرة واللقاء بينهما، وإلا كيف ظهر مصطلح التدليس بكل أنواعه، وكيف استطاعوا إذن أن يبينوا أحوال الرواة وعاداتهم في التدليس بكل تفاصيلها.
والجدير بالذكر أن قول الأخ السائل - حفظه الله - (مع كون السند لا مطعن فيه) معناه أن الرواة ثقات، والسند متصل، بغض النظر عن مدى خلوه من شذوذ وعلة.
وفي الواقع أن الخطأ في المتن لا بد أن يكون من أحد رواته، والسند الذي يضم ذلك الراوي المخطئ - وإن كان إماما - لن يكون سليما، والراوي الثقة إذا أخطأ في المتن فمعناه أنه لم يرو هذا الحديث كما سمع من شيخه، لذا لا يقال إن السند لا مطعن فيه.
ومن هنا أصبح السند وثيقة علمية عظيمة تحمل في طياتها ما يدل على مصدر الخطأ بدقة متناهية، وبذلك لم يستطع أحد لا عمدا ولا سهوا، أن يدخل في حديث الراوي ما ليس منه، إلا وقد اكتشفه النقاد، فضلا عن السنة النبوية، لذلك قال ابن المبارك رحمه الله:
الإسناد من الدين لولاه لقال من شاء ما شاء.
ـ[ما رأيكم في اصطلاحات الترمذي في سننه كقوله (حديث حسن)(حسن صحيح)(حديث غريب)(حديث حسن غريب)(صحيح غريب)]ـ.
جزاك الله خيرا أخي الكريم وسدد خطاك، هذه المصطلحات لا يمكن تحديد معانيها بأحوال الرواة، ولا تفسر في ضوء ما تعارف عليه المتأخرون، وإنما ينبغي تفسيرها وفق منهج الإمام الترمذي وغيره من المتقدمين.