للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يدل على أن حاطبا لم يكفر بما وقع منه أن الله تعالى خاطبه باسم الإيمان بقوله سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء} الآيات، فمن فعل مثلما فعل حطب ـ أي من غير ارتداد، ورغبة عن الإسلام ـ فإنه لا يكفر، بل هو مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب يستوجب عليها القتل، أو التعزير، وإنما اندفعت العقوبة عن حاطب ـ رضي الله عنه ـ بكونه من أهل بدر، كما نوه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، والله اعلم.

ـ[إن معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته هو إثبات ما ورد في الكتاب السنة: هل (التردد - الملل - الظل .. ) تدخل في ذلك؟ ]ـ

الحمد لله، هذه الألفاظ لا شك أنها وردت مضافة إلى الله في أحاديث صحيحة، ولكن دلالة الأحاديث على اعتبارها صفة لله، أو غير صفة مختلفة، فأما التردد فإنه بالمعنى الذي ورد في الحديث القدسي " وما ترددتي في شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت، وأكره مساءته، ولا بد له منه ". هو صفة فعلية، ومعناها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: تعارض إرادتين: إرادة قبض نفس المؤمن وكراهة الله لما يسوء المؤمن، وهو الموت.

وليس هذا التردد من الله ناشئا عن الجهل بمقتضى الحكمة، والجهل بما ينتهي إليه الأمر فهذا تردد المخلوق بل هو سبحانه العليم الحكيم، فهذا التعارض بين إرادتيه سبحانه تردد مع كمال العلم بالحكمة، ومنتهى الأمر، ولهذا قال في الحديث: " ولا بد له منه ". فتردد المخلوق الناشئ عن جهله نقص بخلاف التردد من الله فلا نقص فيه بل هو متضمن للكمال: كمال العلم، وكمال الحكمة.

وأما الملل المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم: " اكلفوا من العلم ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>