أما ما بقي مما لم يفسر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإنه ـ مع وجود اختلاف بين السلف ـ معلوم لا يحتاج إلى بيان نبوي في كل آية.
وأخيرًا، لا تكاد تجدُ قائلاً بهذه المسألة إلا أن يكون قولاً فلسفيًا؛ لأنه يخالف تطبيقات العلماء في التفسير، والله أعلم.
ـ[قال السائل: هل ترون تبايناً منهجياً بين المتقدِّمين والمتأخرين والمعاصرين في تفسير القرآن الكريم؟ ]ـ
لست أعرف المراد بالمتقدمين والمتأخرين، لكن إن كان المراد بالمتقدمين السلف، وبالمتأخرين من جاء بعدهم، فلا شكَّ أن من اطلع على تفاسيرهم، فإنه سيجد فرقًا واضحًا بين معلومات التفسير بين الفريقين، كما سيجد فرقًا بينهم في طريقة كتابة التفسير، ومنهجهم فيه، وقد أشرتُ إلى شيء من ذلك في مبحث مفهوم التفسير من كتاب (مفهوم التفسير والتأويل ... ).
أما المعاصرون فلا يمكن أن ينفكوا عن ما كتبه من كان قبلهم، وإن كانت قد حدثت طرائق جديدة في التفسير، كالذي يسمى بالتفسير الموضوعي، والله أعلم.
ـ[قال السائل: ما رأيكم (وفقكم الله) فيما انتشر هذه الأيام من قيام بعض الباحثين بجمع شروح بعض الأئمِّة لآيات متعدِّدة في رسالة وتسميتها بـ "تفسير الإمام الفلاني"؟ حيث إنَّ أغلب كلام ذلك الإمام لا يكون تفسيراً مستقصياً للآيات، ولكن كلاماً مجملاً فيها. ]ـ
ما ذكره السائل صحيح بلا إشكال، ويمكن تلخيص الملحوظات على مثل هذا العمل فيما يأتي:
١ ـ أنَّ كثيرًا ممن جُمِع تفسيرهم لا يُعرفون بهذا العلم.
٢ ـ أن فصل التفسير من وسط كلامٍ لا علاقة له بالتفسير فيه صعوبة بالغة، ولا يتأتى فصله في كل حين للباحث.
٣ ـ أنَّ الباحث يُدخِل منقول العالم مع مَقُولِهِ، وينسب له التفسير، وذلك غير سديدٍ، إذ نقله لا يعني أنه يعتدُّ بذلك القول؛ إلا إذا قال بهذه القاعدة.
٤ ـ أن بعض الباحثين يدخلون في جمعهم جملة من علوم القرآن التي لا علاقة لها بالتفسير.