للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ـ[هل هناك دليل صريح على أنّ الشيخين اشترطا لإيراد الحديث في صحيحيهما شروطا ًأشدّ صرامة ممّا اشترطاه لصحة الأحاديث خارج الصحيحين؟ بمعنى: هل هناك أحاديث صحّحها الشيخان ولم يورداها صحيحيهما بسبب كونها لا ترقى لشرطيهما فيهما؟ ]ـ

ليس لدى الشيخين شرط زائد على ما تضمنه تعريف الصحيح من الشروط، يعرف ذلك من نظر في الصحيحين؛ إذ يحتويان كل أنواع الصحيح، دون أن خصصا بما هو أعلى صحة دون سواه. وربما نجد لديهما اهتماما بالغا ذكر الأصح والأفضل والأجود سندا ومتنا إذا ورد الحديث بطرق متعددة عن إمام مشهور كالزهري مثلا، فيختار كل منهما من هذه الطرق ما هو أعلى سندا وأجود، ويتميز الإمام مسلم بذكر مجموعة من الروايات في موطن واحد مرتبا إياها حسب الأصحية والأفضلية، وقد شرحنا ذلك في كتاب عبقرية الإمام مسلم. ولم تتوقف الأفضلية الأصحية على أحوال الرواة فقط، بل تكون لذلك معايير علمية لم أستوعبها من خلال دراسة كتب المصطلحات، ومن أهم هذه المعايير

العلمية علو السند، وجودة المتن، كما أن للعلو مقاييس متعددة ذكرها الإمام الحاكم وغيره من الأئمة، وكثير منها لا يعرف إلا من خلال الموازنة بين الروايات، وأحوال الرواة، ووفياتهم، وسماعاتهم، ورحلاتهم، ومراتبهم في الجرح والتعديل، وعاداتهم في الرواي والتلقي، وغير ذلك من الخصائص الإسنادية، كالتسلسل والشهرة.

ومن المعلوم أن الإمامين لم يستوعبا ذكر جميع ما صح لديهما؛ لذا توجد بعض الأحاديث التي صححاها ولم يخرجاها في الصحيحين، وسبب ذلك عدم استيعابهما للأحاديث الصحيحة، واكتفائهما بما أوردا فيهما من أصل الحديث، أو لنزول سندهما.

ومما يلفت الانتباه إليه أنهما قد يطلقان على حديث مقبول بصحته ولا يريد بها المعنى المتعارف لمصطلح (صحيح).

<<  <  ج: ص:  >  >>