يبدو أن مثل هذا السؤال قد سبق، إبداء رأي حول الكتب وأصحابها لا يمكن إلا بعد تتبع محتواها بطريقة علمية دقيقة، وأنا لم أتمكن من ذلك حتى الآن.
ـ[ما شروط الإجتهاد في التصحيح والتضعيف وهل هذه الشروط متوفرة في أحد المشايخ في عصرنا أو حتى في المتأخرين؟ ]ـ
هذا سؤال مهم جدا، وأنا أشكر لك هذا السؤال. وقد يكون الجواب طويلا وأرجو منك الصبر.
يا أخي العزيز - حفظني الله وإياك -! من المعلوم بديهيا أن لكل علم رجالا متخصصين يشكلون مصادره الأصيلة، ومن خلال عملهم النقدي انبثقت قواعد ذلك العلم ومسائله، لذلك فإن الباحث يكون أكثر أمناً من الخطأ والتخبط في الفهم والتطبيق بقدر رجوعه إلى تلك المصادر الأصيلة، ومداومة الاشتغال بها وإمعان النظر فيها، كما أنه لا يُعد الباحث أو العالم مصدرا أصيلا بمجرد أنه قد ألف كتابا أو كتابين أو كتبا في ذلك العلم أو أنه كان منشغلا به، أو بمجرد كونه إماما في مجال علمي آخر، وإنما يعد فقط مصدرا مساعدا. وهذا كما قال الشاعر:
''للحرب أقوام لها خلقوا ... وللدواوين كتاب وحساب''.
وقال مسلم في التمييز ص: ٢٠: (فإنك يرحمك الله ذكرت أن قبلك قوما ينكرون قول القائل من أهل العلم إذا قال: هذا حديث خطأ وهذا حديث صحيح، وفلان يخطيئ في روايته حديث كذا، والصواب ما روى فلان بخلافه، وذكرت أنهم استعضموا ذلك من قول من قاله ونسبوه إلى اغتياب الصالحين من السلف الماضين وحتى قالوا إن من ادعى تمييز خطأ روايتهم من صوابها متخرص بما لا علم له به ومدع علم غيب لا يوصل إليه.