وقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث القدسي:«قال الله عز وجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل: فإذا قال: {الحمد لله رب العالمين}، قال الله: حمدني عبدي. وإذا قال:{الرحمن الرحيم}، قال الله: أثنى علي عبدي. فإذا قال:{مالك يوم الدين}، قال: مجدني عبدي. فإذا قال:{إياك نعبد وإياك نستعين}، قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل ... »
وإنما سُمِّيت الفاتحة: الصلاة، وهي جزء منها؛ لأنها أعظم شروط الصلاة.
وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «الدين النصيحة»، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الدعاء هو العبادة»، وغيرها من الأمثلة التي يسمى فيها الجزء باسم الكلِّ؛ للتنبيه على أهميته، وللدلالة على الاعتناء به.
وإذا صحَّ لك هذا، فإنَّ جميع وجوه الاختلاف في القراءة تدخل في الأحرف السبعة، وأنَّ أعظم هذه الوجوه ما يتعلق باللهجات، والله أعلم.
[علاقة الأحرف برسم القرآن]
يرتبط هذا الموضوع بلغات العرب، وقد سبق الحديث عنها، والمراد هنا التنبيه على كون ما يتعلق برسم القرآن من الأحرف السبعة هو ما يمكن رسمه من الألفاظ، أمَّا وجوه القراءة التي ترجع إلى اللهجات؛ كالإمالة والتقليل، والمد والإظهار والإدغام والسكت والتسهيل والإبدال، وغيرها = فلا يمكن أخذها من الصحف ولا كتابتها في المصاحف إلا بما يصطلح عليه أنه يشير إليها، ومعلوم أن علم ضبط المصحف كان متأخرًا، ولم يكن في عصر الصحابة إطلاقًا.
وهذا يعني أنك إذا قلت: كُتِبَ المصحف على الأحرف السبعة، فالمراد كتابة الألفاظ ووجوه قراءتها اللفظية لا الصوتية.
وهذه الصوتيات إنما تؤخذ عن السابق بطريق المشافهة والرواية، فينقلها كما سمعها، وهكذا من أو السند إلى منتهاه.
وبهذا تعلم أن رسم المصحف لا يمكن أن يحوي جميع وجوه الأحرف السبعة، وإنما يمكن أن يحوي منها ما يتعلق برسم الألفاظ، أمَّا غيرها فيؤخذ من طريق الأئمة القراء.