وعلى هذه الأحوال الثلاث تدور معظم المصطلحات في التصحيح والتحسين والتضعيف. وباختلافها يحتلف الحكم على الحديث، ولذا قال بعض المحققين من المتأخرين كالحافظ ابن رجب وابن حجر وغيرهما إن الحكم على الحديث ليس تابعا لأحوال الرواة.
ومع ذلك جاءت تعريفات هذه المصطلحات في كتب المصطلح عموما بحيث يفهم القاريء المستعجل أن الأحكام تابعة لأحوال الرواة. وقد شرحنا ذلك بشيء من التفصيل في الكتاب (علوم الحديث في ضوء تطبيقات المحدثين النقاد). والله تعالى أعلم.
ـ[التسلسل الزمني للدعوة لهذا المنهج، فالمعلوم أن من أوائل من دعا إليه هو (ابن رجب) ثم تلاه من بعده كـ (المعلمي) و (الغماري). فما قبل (ابن رجب) وما بعده _ فيما بينه وبين التالين له _ هل من داعٍ لهذا المنهج؟ ]ـ
هذا يحتاج إلى دراسة استقرائية.
ـ[منهجية جمع الأسانيد والمقارنة بينها واستخراج النتيجة من تلك المقارنة حولها مسائل:. . الأولى: من هو المؤهلُ لتلك المهمة؟. . الثانية: قواعد الخوض في تلك المهمة؟ ]ـ
المؤهل هو حافظ الأحاديث أو المطلع عليها، على الصورة التي سبق ذكرها آنفا، وإلا سيكون مضطرا للاعتماد على ظواهر السند، والقواعد التي يعول عليها هذا الباحث غير المؤهل لا تكون إلا شكلية؛ ترجع في حكمه على الحديث إلى أحوال الراوي.
ـ[جهود المتأخرين كـ (العراقي) و (ابن حجر) و (السخاوي) وغيرهم ما مدى عناية الداعين لهذا المنهج بها؟. . ومما لا شك أنهم حازوا قصب السبق في التحرير للحديث وأصوله لم يدرك درجتهم من تلاهم. ]ـ
الذين يدعون إلى منهج المتقدمين إنما وصلوا إلى ذلك عبر جهود هؤلاء الأئمة المحققين، وهم الذين نقلوا لنا ذلك المنهج، بل كانوا يدعون إلى الاستفادة من منهجهم الرائع في تحقيق التراث وحفظه من تصحيف وتزوير وانتحال، كما يفهم ذلك كل منصف يقرأ ما كتب في ذلك من الأبحاث والكتب.
وهنا أود أن ألفت الانتباه إلى ضرورة الفصل بين المصدر الأصيل والمرجع المساعد في علوم الحديث، وعدم الخلط بينهما بأي حال من الأحوال، وبالتالي يرى الباحث ضرورة ملحة في عرض ما وجد في المرجع المساعد على المصدر الأصيل إذا وقع إشكال أو غموض حول مسألة من المسائل، وذلك من أجل التأكد من مدى صواب ذلك، وأما إذا لم يفصل بين المصادر، وخلط بينها فإنه لا تخطر على باله أبدا أهمية عرض كلام المتأخرين على كلام المتقدمين أو عملهم التطبيقي.
وأما الفصل بينهما فيما يخص الحديث وروايته فلا يختلف فيه اثنان ممن لديهم علم وخبرة في هذا المجال؛ فما أورده الإمام النووي في كتابه رياض الصالحين مثلا لا يعد مصدرا أصيلا في التخريج.