ـ[هناك قاعدة فقهية هي أن المحرم لغيره يجوز عند الحاجة فهل تفسر لنا هذه القاعدة يا شيخنا الغالي؟ وما هي الحاجة؟ وهل الخمر محرم لغيره فهل يمكن التطبب به وكيف نوفق بين هذا وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الله لم يجعل دواء هذه الأمة في ما حرم عليها) أو كما قال؟ جزاكم الله خير وأسأل الله ان يوفقكم. ]ـ
أحسنت، لابد أولا من معرفة: هل هذا المحرم منهي عنه لذاته أو لغيره حتى لا يحصل خلط وخلل.
ذلك أن المنهي عنه لذاته يُنهى عنه أبدا ودائما، وذلك على سبيل القصد والأصالة؛ كتحريم الظلم والزنا.
والمنهي عنه لغيره هو الذي لا يُنهى عنه أبدا ودائما، وإنما وقع النهي عنه لأجل أمر خارجي، وذلك النهي على سبيل التبع لا الأصالة؛ كتحريم البيع بعد النداء من يوم الجمعة.
أما قاعدة: أن المحرم لغيره يجوز عند الحاجة فتظهر إذا عرفنا أن الحاجة لما كانت من قبيل المصالح الراجحة فقد اختصت بارتكاب المحرم لغيره، وهو ما نهي عنه سدا للذريعة، بخلاف الضرورة فإنها تبيح ارتكاب المحرم لغيره، وتبيح أيضا ارتكاب المحرم لذاته، وهو ما نهي عنه على وجه القصد والأصالة.
ومعلوم أن ما حرم سدا للذريعة أخف مما حرم تحريم المقاصد.
قال ابن القيم:"وما حرم سدا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة:
كما أبيحت العرايا من ربا الفضل، وكما أبيحت ذوات الأسباب من الصلاة بعد الفجر والعصر، وكما أبيح النظر للخاطب والشاهد والطبيب والمعامل من جملة النظر المحرم.
وكذلك تحريم الذهب والحرير على الرجال لسد ذريعة التشبه بالنساء الملعون فاعله وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة".
أما بالنسبة للتداوي بالخمر فقد ذهب الجمهور إلى حرمة ذلك، وذلك أخذا بقوله تعالى:(فاجتنبوه) فإنه عام في جميع أنواع الانتفاع والاستعمال.