ـ[موضوع مشكل جدا عندى والحمد لله أن أكرمنا الله بلقائكم لأنه يتعلق بالبدع وتحديدها ومعرفتها، عنوانه: تسويغ الخلاف فى التصحيح والتضعيف وما يترتب عليه من التبديع والإنكار.
كيف يكون الخلاف فى الحكم على حديث معين خلافا سائغا ويكون الخلاف فيما يترتب عليه من العمل سائغا وفى نفس الوقت يبدع أحد الفريقين فعل الأخر؟
مثاله:
حديث صلاة التسابيح
البعض يصححه والبعض يضعفه فعند من قال بصحته الصلاة مشروعة
وعند من قال بضعفه الصلاة لا تجوز ويقول ببدعيتها وفى نفس الوقت يقول أن الحديث يحتمل التصحيح لذلك لن ينكر على من يصليها!!
كيف يعتقد أنها بدعة ولكن لا يجوز إنكارها؟
أنا لا أريده أن ينكر ولكن أريده من الأصل ألا يدخلها فى باب البدع وأن نفرق بين ما جاء فيه دليل ضعيف ويحتمل التصحيح عند البعض وبين ما جاء فيه دليل تالف أو لم يرد عليه دليل أصلا.
فيكون الأول من باب الخلاف السائغ ولا ندخله فى باب البدع من الأصل.
ويكون الثانى من باب البدع التى تستوجب الإنكار.
أما أن نقول (فعله بدعه ولكن لا إنكار فيها) فهذا لا أهضمه.
نرجوا التوضيح من شيخنا الكريم]ـ
الأمر في ذلك واضح، ولله الحمد.
وهو أنه متى أمكن رد قول ما من الأقوال إلى دليل شرعي فإن هذا القول لا يعد بدعة.
قال الشاطبي في مسألة من مسائل الفروع: "فمثل هذا لا بدعة فيه لرجوعه إلى أصل شرعي".
والمقصود أن البدعة لا تدخل في المسائل الاجتهادية؛ إذ لا ابتداع في مسائل الاجتهاد، كما قال بعضهم: "وليس من شأن العلماء إطلاق لفظ البدعة على الفروع".
والحاصل أن الاجتهاد يرفع البدعة، فمتى ثبت كون المسألة اجتهادية فلا يصح إطلاق البدعة على من خالف فيها، ومتى ثبت كون القول أو الفعل بدعة في مسألة من المسائل كان هذا دليلا على أن هذه المسألة لا مدخل فيها للاجتهاد.
والدليل على أن المخالفة في المسائل الاجتهادية لا تكون بدعة أمور ثلاثة:
١. أن المسائل الاجتهادية ليست محل افتراق، فقد وقع اختلاف بين الصحابة والتابعين، ولم ينسب المخالف منهم إلى البدعة والضلالة.
٢. أن الاختلاف المشروع في مسائل الاجتهاد كله سعة ورحمة، وأما البدعة فإنها لا تكون إلا باب شر وضلالة.
٣. أن المسائل الاجتهادية لها حظ معتبر من الدليل الشرعي، بخلاف مسائل الابتداع؛ فإنها ـ عند التحقيق ـ ليس لها حظ معتبر من الدليل الشرعي.
وبناء على ذلك فإن قولك في السؤال صحيح لا غبار عليه:
( ... أن نفرق بين ما جاء فيه دليل ضعيف ويحتمل التصحيح عند البعض وبين ما جاء فيه دليل تالف أو لم يرد عليه دليل أصلا.
فيكون الأول من باب الخلاف السائغ ولا ندخله فى باب البدع من الأصل.
ويكون الثانى من باب البدع التى تستوجب الإنكار).
وإني أشكر الأخ السائل على عنايته بهذه المسألة، وأرى أن لها أهمية عظمى، فبها تزول إشكالات، وبها تتضح أمور معضلات. وفقني الله وإياكم إلى الفقه في الدين، واتباع السنة.