ـ[أعلَّ الإمام أبو حاتم روايةً (للأوزاعي عن عطاء) حيث نص على أن الأوزاعي لم يسمع هذا الحديث من عطاء بل بينهما رجل،، وقال البيهقي جود إسناده الراوي عن الأوزاعي ... فهل نرد قول أبي حاتم بهذا الكلام من البيهقي رحمهما الله تعالى علما أن السخاوي في فتح المغيث (١/ ٢١٤) ط العلمية قال (وأما القدماء فسموه تجويدا حيث قالوا: جوّده فلان، وصورته أن يروي المدلس حديثا عن شيخ ثقة بسند فيه راو ضعيف فيحذفه المدلس من بين الثقتين الذي لقي أحدهما الآخر، ولم يذكر أولهما بالتدليس، ويأتي بلفظ محتمل فيسوي الاسناد كله ثقات) وقد قال الأخ (الدرع): (جوده بشر بن بكر) فليس مراده من (جوده) أنه جيد، بل قصده أنه (رواه موصولاً) فبشر بن بكر وصل الحديث فذكر (عبيد بن عمير) بينما هو مقطوع كما رواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي ولم يذكر (عبيد بن عمير) ولهذا قال الإمام الطبراني في الأوسط (لم يروه عن الأوزاعي - يعني موصولاً - إلا بشر ... ) وكلام الأخ (الدرع) هو الذي تبين لي من خلال تتبع كثير من إطلاقات أهل العلم لهذا المصطلح (جوّده)، حيث إنهم لا يقصدون به الصحة، بل يريدون الوصل، وهم لا يريدون التسوية أيضا، كما قال السخاوي رحمه الله تعالى. وهل نقبل إعلال أبي حاتم ذلك أم نطالبه بالاسناد الذي فيه الواسطة (كما يقول بعضهم)؟ ]ـ
ما قاله الأخ الدرع (ولله دره) حق لا مرية فيه، وبهذا لا يوجد تناقض بين قول الإمام أبي حاتم وقول البيهقي، وأما سؤالك - حفظك الله وسدد خطاك - عما أعله أبو حاتم هل نقبل ذلك أم نطالبه بالإسناد، فجوابه ما قال الحافظ ابن حجر وغيره من أئمتنا المتأخرين:(''...فمتى وجدنا حديثا قد حكم إمام من الأئمة المرجوع إليهم بتعليله، فالأولى اتباعه في ذلك كما نتبعه في تصحيح الحديث إذا صححه، وهذا الشافعي مع إمامته يحيل القول على أئمة الحديث في كتبه فيقول: وفيه حديث لا يثبته أهل العلم بالحديث'' (انظر النكت ٢/ ٧٢١ واختصار علوم الحديث ص: ٦٤).
وقال السخاوي '' .. ولهذا ترى الجامع بين الفقه والحديث، كابن خزيمة والإسماعيلي والبيهقي وابن عبد البر، لا ينكر عليهم، (يعني نقاد الحديث القدامى) بل يشاركهم، ويحذو حذوهم، وربما يطالبهم الفقيه أو الأصولي العاري عن الحديث بالأدلة. هذا مع اتفاق الفقهاء على
الرجوع إليهم في التعديل والتجريح كما اتفقوا على الرجوع في كل فن إلى أهله، ومن تعاطى تحرير فن غير فنه فهو متعن، فالله تعالى بلطيف عنايته أقام لعلم الحديث رجالا نقادا تفرغوا له، وأفنوا أعمارهم في تحصيله والبحث عن غوامضه وعلله ورجاله ومعرفة مراتبهم في القوة واللين''. فتقليدهم، والمشي وراءهم، وإمعان النظر في تواليفهم، وكثرة مجالسة حفاظ الوقت مع الفهم وجودة التصور، ومداومة الاشتغال، وملازمة التقوى والتواضع، يوجب لك (إن شاء الله) معرفة السنن النبوية ولا قوة إلا بالله'' (فتح المغيث ١/ ٢٧٤).