للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ـ[لا يخفى أن من معتقد أهل السنة والجماعة أن الصحابة (رضوان الله عليهم) كلهم عدول ثقات، ولكن نجد في بعض الروايات أن بعض الصحابة -من الذين تأخر إسلامهم- قد وقعوا في أمور تنافي التعريف المشهور للعدالة. وهذا كالذي يروى مثلا عن سمرة بن جندب أو المغيرة بن شعبة (رضوان الله عليهما). فهل هذه الروايات عنهم صحيحة؟ فإن لم يصح شيء منها، فالسؤال ساقط من أصله. وإلا فما توجيهها لتوافق ما تقرر في اعتقاد أهل السنة؟ ]ـ

أولاً أشكر هذا الأخ السائل على دعواته التي ذكرها وأسأله جل وعلا أن يوفقنا وإياه وأن يقبل منا ومنه وكما ذكر هذا السائل أن الصحابة لا شك أنهم عدول بثناء الله (جل وعلا) عليهم غي كتابه الكريم وثناء الرسول (صلى الله عليه وسلم) عليهم في سنته فهم عدول (رضي الله تعالى عنهم) وما جاء مما فيه قادح في بعضهم فهذا إما أن يكون غير ثابت أصلاً مثل القصة التي تحكى في اجتماع إبي موسى مع عمرو بن العاص رضي الله عنهما في الصلح وأنه ذكر أن عمرو بن العاص خدع أبو موسى وأنه قال له لنخلع الاثنين يعني علي ومعاوية (رضي الله عن الجميع) ثم بعد أن اتفق معه على ذلك قال تكلم يا أبا موسى فأنت أقدم مني إسلام وأفضل مني وما شابه ذلك فأخبر أبو موسى أنه خلع علي (رضي الله عنه) وأنه عندما جاءت النوبة لعمرو بن العاص أنه ثبت معاوية فهذا لم يصح وإ نما أرادوا أن يتفقوا على الصلح ولم يحصل هذا الصلح ولم يقع فأقول أن هناك أخبار غير صحيحة. وإما أن تكون هذه الأشياء التي قد يظن أنها قادحة في بعض الصحابة أنها من قبيل الاجتهاد والتأول، يعني مثل ما حصل من خروج عائشة (رضي الله عنها) وكذلك الزبير (رضي الله عنه) وطلحة بن عبيد الله (رضي الله عنه) في معركة الجمل كانوا متأولين وأرادوا الإصلاح بين طائفة علي (رضي الله عنه) وبين طائفة معاوية (رضي الله عنه) وأرادوا أيضاً أن يتتبعوا قتلة عثمان ونحو ذلك فقد خرجوا وهم قد تأولوا في خروجهم فلذلك عائشة عندما سمعت نباح الكلاب أرادت أن ترجع فقالوا لها كيف ترجعين ولعل الله أن يصلح بك بين طائفتين من المسلمين أو لعل الله أن يصلح بك بين المسلمين فاستمرت في مسيرها. فالشاهد من هذا أنهم أرادوا الإصلاح فهم تأولوا في ذلك ولا شك أن المجتهد المصيب له أجران والمخطئ له أجر واحد. أو تكون هذه الأشياء قد تابوا منها ورجعوا عنها كما حصل لماعز (رضي الله عنه) لما وقع فيه فتاب وطلب من الرسول (صلى الله عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>