وربما حصل من وراء ذلك الإسراف في النقل والاقتباس، والاستكثار من المراجع، والتخلي عن الاستنباط وسد باب التفكير والإبداع، والوقوع في التكرار.
وطالب العلم الفطن هو الذي يستثمر هذه التقنية في تعزيز قدراته العلمية والبحثية، ويجعلها خادمة لمبتغاه، وألا يسترسل معها، أو يغتر بما فيها من تسهيلات وإمكانات؛ فإنها ـ عند التحقيق ـ سارقة للأوقات، مخدرة للعقول، مثبطة للهمم، آسرة للعلوم والفهوم.
أسأل الله أن يجعلنا هداة مهتدين، والحمد لله أولا وآخرا.
[يتعلق بكتاب الشيخ (فقه النوازل)]
ـ[فضيلة الشيخ ما رأيك في اختصار الكتاب وذلك بصياغة جميع النوازل التي صدر فيها فتاوى وقرارات على شكل متن فقهي مرتب على الأبواب
فيقال مثلاً:
(باب الأوراق النقدية
وهي نقد مستقل يختلف جنسه باختلاف جهة إصداره
فيحرم فيه الربا بنوعيه، وتجب فيه الزكاة) أ. هـ.
فما رأيكم في هذه الطريقة من حيث:
١ - الفائدة.
٢ - الإمكان
٣ - الخطوات التي يمكن اتباعها لتطبيق الطريقة.
٤ - هل يمكن أن يكون ذلك وفق مذهب معين (حنبلي، شافعي .. إلخ) أم يكون وفق قرارت المجامع والهيئات من غير ربطها بأي مذهب.
جزاكم الله خير الجزاء. ]ـ
صياغة متن فقهي خاص ينتظم النوازل المعاصرة ما أمكن فكرة رائدة، وهي نافعة لمن أراد التعرف على حكم نازلة معينة؛ حيث إن هذا المتن يعد مرجعا يجمع له النوازل في محل واحد.
لكن هذا الأمر يصعب القيام به؛ لأن هذه النوازل إنما تمثل جزءا يسيرا من الأبواب الفقهية، فيصبح هذا المتن ناقصا، ويتخلله ثغرات كبيرة، ويحصل من ذلك انقطاع يشكل، ومن جهة أخرى فإن هذه النوازل تتعدد فيها الآراء ـ وإن كانت هذه الآراء للمجامع الفقهية ـ فهي بحاجة إلى دراسة وترجيح يقوم به صاحب المتن، وهذا الأمر دونه خرط القتاد.
لكن المفيد في قضية النوازل هو التوجه لها والعناية بها، وإنما يكون ذلك عن طريق التخصص في بعض الأبواب والمسائل من قبل أهل العلم وطلابه في أبحاثهم ودروسهم، وعدم ترك هذه النوازل خلوا لمن هب ودب، وهذه مسؤولية عظمى وأمانة كبرى، ويترتب على التخلي عنها مفاسد واسعة، والله المستعان.