- ومن الفروق أنّ الدارقطني أكثر توسعا وبسطا من البزار، فنَفَس الدارقطني في بيان الاختلافات وسرد الطرق طويل، ولذا كان كتابه أوسع كتاب في بيان علل الأحاديث، قال ابن كثير:«وقد جمع أزمة ما ذكرناه كلّه الحافظ الكبير أبو الحسن الدارقطني في كتاب ذلك، وهو أجلّ كتاب بل أجلّ ما رأيناه وضع في هذا الفنّ، لم يسبق إليه مثله، وقد أعجز من يريد أن يأتي بعده، فرحمه الله، وأكرم مثواه» اختصار علوم الحديث (ص: ٦٤).
ومما أنبه عليه أن الدارقطني ربما ترك ذكر بعض الاختلافات والأوجه لأسباب منها:
شدة ضعف هذا الوجه أو الطريق لأنّ رواية ضعيف جدا أو متروك وما كان كذلك لا يعول عليه في الترجيح والجمع، فلا فائدة من إطالة الخلاف بذكره إلاّ إذا كان من باب التنبيه عليه.
ومن الأسباب أيضا: ظهور الترجيح في الأسانيد المذكورة كأن تكون من رواية كبار الحفاظ الأثبات فلا حاجة للتطويل في ذكر بقية الأوجه الموافقة،
ومن الأسباب أيضا: عدم حفظ الدارقطني للطريق المعين في تلك الساعة، وقد قال في عدد من المواضع عن بعض الطرق:«لا أَحْفَظُهُ السَّاعَةَ».
وهذه النقطة تسوقنا إلى الفرق الآخر وهو:
- أنّ البزار يسند أحاديثه في الغالب الأعم-يعني يرويها بإسناده- بخلاف الدارقطني حيث يغلب عليه تعليق الأسانيد، وإسناد الحديث عند البزار أعطاه ميزة على «علل الدارقطني»، ومن أسباب تعليق الدارقطني للأوجه والطرق التي يرويها في علله: أنّ الدارقطني لو أسند جميع الأوجه والطرق لكان الكتاب كبير الحجم جدا، فانظر مثلاً إلى حديث بسرة بنت صفوان في الوضوء من مس الذكر ذكر الدارقطنيُّ الاختلافاتِ في أسانيد الحديث ثم أسند جميع هذه الاختلافات فبلغت قرابة المئة حديث-إسنادا ومتناً-، هذا حديثٌ واحد فقط، فما بالك بجميع الكتاب لو أسنده؟! وكذلك حديث أم كرز في العقيقة أسنده فبلغت قرابة ستين حديثا.