- ومن الفروق أيضاً النظر في منزلة المصنفين فمنزلة الدارقطني في هذا الفن أجل بكثير من البزار، ومن طالع ترجمة الرجلين، وقرأ في كتابيهما بان له هذا بوضوح، وهذا الفرق يعطي كتاب «علل الدارقطني» ميزة أنه من تأليف إمام مبرز من أئمة العلل.
وهناك فروق أخرى لا نطيل بذكرها مثل: كثرة أحكام الدارقطني على الأوجه والطرق وغيرها.
والجواب عن قول الأخ السائل-بارك الله فيه-: «وبماذا يفسر منهج الأخير في العلل والسنن، وتباين ذلك» أنه لا تباين بين منهج الدارقطني في العلل والسنن بل بين الكتابين توافق يدل على أنّ مؤلف الكتابين إمام في علل الحديث يوضح هذا أمران:
الأمر الأوَّل: أنّ مقصد الدارقطني من تأليف سننه بيان غرائب وعلل أحاديث أحكام، وقد نصّ على ذلك أبو علي الصدفي، وابن تيمية، وابن عبد الهادي، والزيلعي، وأكد ذلك -من خلال دراسةٍ عميقة بالأرقام- الباحث عبد الله الرحيلي في رسالته العلمية «الإمام الدارقطني وكتابه السنن». ولمّا كان مقصد الدارقطني كذلك لم يبوب سننه، قال أبو علي حسين بن محمد الصّدفي (ت٥١٤) -وهو من أتقن من روى "سنن الدارقطني" -: ((الكتاب غير مبوّب، قرأته على ابن خَيْرون .. وكان عند ابن خَيْرون منه أجزاء بخط الدارقطني، فكان إذا أشكل من الكتاب شيء استخرج تلك الأجزاء، فربما وجد فيه اختلافاً، وفي النسخة مواضع علمتُ على بعضها لم يتجه لي أمرها ... ))، المعجم في أصحاب أبي على الصدفي" لابن الأبار (ص: ٨٠).
وما يوجد من تبويبات وتراجم هي من عمل النساخ، والناشرين-انظر: مقدمة محقق"سنن الدارقطني" (١/ ٣٨ - ٥٨) تحقيق: شعيب-.
وعندي أنّ هذا العمل فيه تجاوز لوظيفة المحقق الأصلية، وهي إثبات النص كما أراده مؤلفُهُ بدون تعديل أو تحسين.