للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعدَّ ذلك (تشدد ومبالغة، والقوم معذورون، تركوا الأفضل فكان ماذا)، وقد خَرَّج الإمام البخاري لبعضهم في «الصحيح»، ومع هذا الاعتذار يبقى موقف الإمام أحمد بن حنبل هو الصواب وهو الحق، حيث ثبَّت الله عزَّ وجل بثباته الأمة وعدم التأثر بأفكار المبتدعة ومعتقداتهم المخالفة لمعتقد السلف الصالح، وقد صَرَّح عبد الله بن الإمام أحمد بهذا الأمر في تركه الرواية عمن أجاب بفتنة خلق القرآن، قال الحافظ ابن حجر في ترجمة إبراهيم بن الحسن الباهلي (ت ٢٣٥ هـ): «قلت: كان عبد الله بن أحمد لا يكتب إلاّ عمن أذن له أبوه في الكتابة عنه، وكان لا يأذن له أن يكتب إلا عن أهل السنة، حتى كان يمنعه أن يكتب عمن أجاب في المحنة، فلذلك فاته علي بن الجعد ونظراؤه من المسندين» [«تعجيل المنفعة» ١/ ٢٥٨]، والتزم بهذا الأمر بعض خواص الإمام أحمد، فهذا أبو زرعه الرازي (ت ٢٦٤ هـ) الذي قال عن علي بن المديني وقد سئل عنه «لا نرتاب في صدقه»، نراه ترك الرواية عنه.

قال ابن أبي حاتم في ترجمته: «كتب عنه أبي وأبو زرعة، وترك أبو زرعة الرواية عنه من أجل ما كان منه في المحنه، ووالدي كان يروي عنه لنزوعه عما كان منه» [«الجرح والتعديل» ج٣/ ق ١/ ١٩٤]، و [«ميزان الاعتدال» ٣/ ١٣٨]، و [«تهذيب التهذيب» ٧/ ٣٥٦]، وكذا موقف إبراهيم بن إسحاق الحربي [«تاريخ بغداد» ١١/ ٤٧٠]، [«مناقب الإمام أحمد» لابن الجوزي ص ٣٩٢]، و [«ميزان الاعتدال» ٣/ ١٣٨] وانظر بتفصيل في «أبو زرعة وجهوده في السنة ... » ج ٣/ ٩٧٥، ورغم هذه النصوص العديدة وغيرها نجد الأحاديث المخرَّجة في ١٠٠٣. «المسند» عن بعض الرواة الذين امتنع الإمام أحمد عن الكتابة عنهم ومن الذين أوصى ولده بالضرب على أحاديثهم، ففي أفضل طبعة للمسند والتي بلغ مجموع الأحاديث فيها بالمكرر (٢٧٦٤٦) حديثاً نجد:

<<  <  ج: ص:  >  >>