وابن حزم كغيره من العلماء له وعليه، غير أنه يتنبه أنَّ لابنِ حزم في باب " علل الحديث" منهجاً يخالف أئمة الحديث ونقاده، ويوافق مشربه- رحمه الله-، بينه في كتابه " الإحكام في أصول الأحكام"، قال ابنُ القيم:((وأما تصحيح أبي محمد بن حزم له فما أجدره بظاهريته، وعدم التفاته إلى العلل والقرائن التي تمنع ثبوت الحديث بتصحيح مثل هذا الحديث، وما هو دونه في الشذوذ والنكارة، فتصحيحه للأحاديث المعلولة وإنكاره لنقلتها نظير إنكاره للمعاني والمناسبات والأقيسة التي يستوي فيها الأصل والفرع من كل وجه والرجل يصحح ما أجمع أهل الحديث على ضعفه، وهذا بيّن في كتبه لمن تأمله)) الفروسية (٢٤٦)، وقد صرّح ابن حزم ببعض هذه الأقوال في كتابه " الإحكام في أصول الأحكام"(٢/ ٩٠، ١٤٩)،
وكلام ابن القيم -على قصره- بيّن منهج ابن حزم في علل الحديث: فهو لا يلتفت إليها ألبتة فهو يقبل زيادة الثقة مطلقاً، ولا يرى التفرد علة أصلاً بدون تفصيل، ويرى أنَّ الحديث الضعيف لا يتقوى بالضعيف ألبتة بدون تفصيل، وأي حديث رواه ثقة -أي ثقة-فهو في غاية الصحة، وأي حديث رواه ضعيف -أي ضعيف- فهو في غاية السقوط!!.
وقال الذهبيُّ:((ولي أنا مَيْلٌ إلى أبي محمد لمحبته في الحديث الصحيح، ومعرفته به، وإن كنتُ لا أُوافقه في كثيرٍ مما يقولهُ في الرجال والعلل، والمسائل البشعة في الأصول والفروع، وأقطع بخطئه في غيرِ ما مسألة، ولكن لا أكفّره ولا أضللُه، وأرجو له العفوَ والمسامحة وللمسلمين. وأخضعُ لفرط ذكائهِِ وسعة علومه)). سير أعلام النبلاء (١٨/ ٢٠١).
ويتنبه لتشدد ابن حزم في توثيق الرواة، وكذلك تسرعه في تجهيل الرواة.