للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبقيت لا أجيز أحداً، حتى بلغت السبعين، وغلبت على أمري، بعد أن مات كل مشايخي. ولم يبق من زملائي سوى شخصين وبيني وبينهما (مدامجة) حفظهما الله. وهناك أفراد ممن لا يظن الصدق فيهما والله أعلم.

* * *

وهناك طرق أخرى أغلبها فردية حيث يجمع الشيخ المجيز مع الطالب للإجازة في درس، أو بيت، أو مكاتبة، أو مشافهة ...

وفي هذا الزمن كثرت طلبات الإجازات، وهذا أمر لم أكن أعرفه أبداً - وبعضها يجري مشافهةً بالاتصال الهاتفي أو بوسائل الاتصالات الحديثة الأخرى (بريد، فاكس، انترنت)، وبعضها بعد التزكية من العلماء لطالب الإجازة-، وعند بعضهم تشدد، وعند غيرهم تساهل.

* * *

ومن طرائف ما أجزت به:

أنني كنت في مركز الجماعة الجديد في السنجقدار سنة ١٣٦٥هـ - ١٩٤٦م في المكتبة أستخرج بعض الأحاديث لجريدة الحائط التي كنت أصدرها في شعبة الميدان باسم: (التوجيه الإسلامي)، وأضع منها نسخ في المركز العام والشعب الأخرى. وكان عندنا: شعبة فيرعانكة، وشعبة المهاجرين، وشعبة القيمرية، وباب الجابية، ونادي الفتيان الرياضي.

وكان بيدي كتاب الجامع الصغير مع الزيادة للإمام السيوطي، وكنت أضع بالقلم الرصاص علامات على الأحاديث التي سوف أنشرها، حتى يكتبها أحد أخواني على الآلة الكاتبة، لأن خطي كان (وما يزال) سيئاً جداً.

وكان ظهري يواجه الداخل للغرفة، وأحسست بمن دخل ووقف ورائي ينظر ما أفعل، والتفت مرحباً، وكان رجلاً معمماً ربعة لا أعرفه، وله لحية قصيرة داخلها الشيب، ومعه أستاذنا محمد المبارك؟! -ثم عرفت أنه العلامة الشيخ محمد راغب الطباخ عالم حلب-، ولم أقف لهما، ولكن قدمت للشيخ أحد الكراسي ليجلس عليه.

فقال الأستاذ المبارك للشيخ الطباخ: هذا سلفي لا يقف لأحد؟!.

غير أن الشيخ أمسك بالكتاب من يدي، ونظر لما أشرت عليه من الأحاديث وسأل: ماذا تفعل.

قلت: أنقل بعض الأحاديث لتوضع في مجلة الحائط.

<<  <  ج: ص:  >  >>