حتى قام ابن القشيري (الزاعم بأنه شافعي الفقه) بفتنته التي فرقت المسلمين، وادعى أنه على مذهب الإمام أبي الحسن الأشعري عقيدة.
ثم كان للسلفيين بعد ذلك "بيان أهل السنة والجماعة" تأليف الإمام أبي جعفر الطحاوي (ت ٣٢١هـ)، وهو حنفي مشهور.
وبعده بمئتي سنة قام آل السبكي بإضافة ما عندهم من تفصيلاتٍ في العقيدة، زاعمين بأنَّ ذلك معتمدٌ على مذهب الإمام أبي الحسن الأشعري، ومرتكز على فقه مذهب الإمام الشافعي.
وتولى الرد عليهم الإمام ابن تيمية وتلامذته خلال مئة سنة، ولعل من أبرز ما يمثل تلك الفترة كتاب "شرح العقيدة الطحاوية للإمام ابن أبي العز الحنفي (ت ٧٩٢هـ) ".
واستمر ذلك الخلاف يظهر حيناً ويختفي أحياناً أخرى، حتى ظهر الشيخ محمد زاهد الكوثري (ت ١٣٧١هـ)، وأثار حقد الماتريدية، وحتى الأشعرية، رغم أنه على خلاف معها، ضد السلفية في حملة مسعورة، ومع علمه فقد حرّف النقول!!، وطعن في الصحابة الكرام، الذين نقلوا لنا دين الله، وتبع الكوثري عدد ممن جاء بعده ممن شم لديه انطلاقاً عن مذهبه الحنفي في تركية ومصر، وأفرادٌ في بعضهم علم، ولكن غلبت عليهم المذهبية والعصبية.
وكذلك كانت الفتن المتأخرة، وشارك في الدفاع عن السلفية كبار علماء العصر الماضي، أمثال: الشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني (ت ١٣٨٦هـ)، والشيخ محمد نصيف (ت ١٣٩١هـ)، والعلامة أحمد محمد شاكر (ت ١٣٧٥هـ)، والشيخ محمد حامد الفقي، والشيخ محمد بهجت البيطار، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني.
ومع أن الخلافَ في قول بعضهم (خلافٌ لفظيٌ) فمازال حتى اليوم يثيره من هؤلاء طرف، ويرد عليهم من الطرف الآخر أفراد وجماعات.
وتبع هؤلاء من ليس في العير ولا في النفير ممَّن يدعي أتباعه التفقه بالمذهب الشافعي، ووالله ما وجدت عندهم سوى أقوال ضعيفة غير مفتى بها في مذهب الإمام الشافعي رحمه الله، وتشير إلى اتباع فيه لا يقبل قولهم.