وبالتعاون مع أصحاب التخصصات العلمية المختلفة يتم إسقاط السنة على الواقع الذي نعيشه، والدفاع عنها دفاعا يقتضيه طبيعة التشكيك في مكانة السنة ونزاهتها.
ومن الجدير بالذكر أن العمل بالحديث لا بد أن يمر على مراحل ثلاثة وهي:
المرحلة الأولى: مرحلة التأكد من مدى صحة الحديث.
والمرحلة الثانية: معرفة المقصود بالحديث وفقهه، وهي تخضع لقواعد وأصول، لكيلا يفسر قول النبي صلى الله عليه وسلم بما لم يقصده، ولا يحمل على غير محمله. ومن أصول التأويل أن يكون فهم الحديث وفقا لما يقتضيه سياق النص، أو يفسر في ضوء عمل الصحابة، أو في ضوء الروايات الأخرى لذلك الحديث طبعا بعد التأكد من صحتها، فإن الحديث من طبيعته أن يختلف سياقه وتتفاوت ألفاظه كلما تتعدد طرقه، فمن خلال جمع الروايات يستطيع الباحث الوقوف على سياق الحديث ولفظه الصحيح، أو يفسر في ضوء النصوص الأخرى التي وردت في الموضوع ذاته، أو في ضوء العناوين التي عنون بها المحدثون لذلك الحديث في كتبهم، أو يراعى في تفسير الكلمات أسلوب العصر النبوي في استخدامها.
والمرحلة الثالثة: مرحلة إسقاط النص على الواقع، فإن النص قد يكون له بعد مقصدي أو بعد زمني أو بعد مكاني، وعلى مراعاة هذه الأمور مرحليا قامت اجتهادات الأمة سابقا. وبمراعاتها يتم الفصل بين التأويل الباطل الذي فيه تكلف أو تعسف وبين التأويل الصحيح.
وهذه صورة عامة لتلك القواعد التي يجب على طلاب العلم اليوم أن يوجهوا عنايتهم نحو تأسيسها، دون أن يضيعوا الأوقات فيما لا يساعده على التكوين العلمي الصحيح الذي تقتضيه المرحلة الزمنية الجديدة، ولا شك أن هذه القواعد بحاجة إلى التوضيح من خلال الأمثلة لكن المناسبة غير صالحة لذلك.