انظر إلى العقيلي كيف صدر منه قوله فيما يخص حديث خالد بن عمرو:
'' ليس له أصل من حديث سفيان الثوري، وقد تابعه محمد بن كثير الصنعاني، ولعله أخذه عنه ودلسه لأن المشهور به خالد هذا '' ويقول الإمام أحمد: ''كل شيئ يرويه ابن فضيل عن عمارة إلا هذا الحديث يعني أنه رواه عن أبيه عن عمارة، وبقية الأحاديث يرويها ابن فضيل عن عمارة '' وقد قال ابن المبارك: إذا اختلف الناس في حديث شعبة فكتاب غندر حكم بينهم.
وعن عبد الرحمن بن مهدي: كنت عند أبي عوانة فحدث بحديث عن الأعمش فقلت: ليس هذا من حديثك. قال: بلى! قلت: لا. قال: يا سلامة، هات الدرج فأخرجت، فنظرت فيه فإذا ليس الحديث فيه. فقال: صدقت، يا أبا سعيد، فمن أين أتيت؟ قلت: ذوكرت به، وأنت شاب، فظننت أنك سمعته.
وهذا يحي بن معين يقول: حضرت نعيم بن حماد بمصر فجعل يقرأ كتابا صنفه فقال: حدثنا ابن المبارك عن عون، وذكر أحاديث، فقلت: ليس ذا عن ابن المبارك فغضب، وقال: ترد علي، قلت إي والله، أريد زينك، فأبى أن يرجع، فلما رأيته لا يرجع قلت: لا والله ما سمعت هذه من ابن المبارك، لا سمعها هو من ابن عون قط، فغضب وغضب من كان عنده، وقام فدخل، فأخرج صحائف، فجعل يقول _ وهي بيده _ أين الذي يزعمون أن يحيى بن معين ليس بأمير المؤمنين في الحديث؟ نعم يا أبا زكريا غلطت، وإنما روى هذه الأحاديث غير ابن المبارك عن ابن عون.
وكثيرا ما نسمع النقاد يقولون عند نقد الحديث ''إنما هو كذا وما رواه ليس بصحيح، وهو مقلوب''، وهذا لا يمكن القول به إلا إذا استوعب أحاديث الراوي بإحصاء دقيق، وإلا لا يستطيع الجزم بذلك التعقيب، بل تدور في رأسه شكوك وتساؤلات تعجزه عن الجزم بأن الأمر كذا.