للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى إمامته تدل كتبه التي آثرها لنفسه، وليس من الإنصاف أن نحشر جميع كتاباته في خانة واحدة من التحقيق والتدقيق والمستوى العلمي العام، بل هي متفاوتة المستويات كما أقر بذلك هو نفسه، وذلك لأن المؤلف من طبيعته أن يستفيد من التأليف الذي يمر على مراحل مختلفة من النضج الفكري واستقرار الرأي والاطلاع. ولا يقال إنه كثير الأوهام بمجرد وجود بعض التناقضات في بعض كتبه لا سيما أوائل كتبه، وكثير من الكتب في التراجم مختصرات لكتب السابقين، كتهذيب التهذيب مثلا فإنه مختصر لتهذيب الكمال، وما فيه من الأخطاء لا ينسب إلى الحافظ، وإنما ينسب إلى السابق، إلا فيما أضافه في التهذيب مميزا بقوله (قلت) كاستدراكاته على السابق. وكتاب التهذيب ليس رأيه، وإنما هو مختصر تهذيب الكمال، إلا القدر الذي أضافه فيه.

وأما ابن الصلاح - رحمه الله - فكتابه في علوم الحديث يكفي دلالة على قدرته في علم الحديث واستيعابه واطلاعه على كلام الأئمة، وفيه ما ينبغي كتابته بماء الذهب، وقد جمع في هذا الكتاب ما يتعلق بمنهج المحدثين من القواعد والضوابط، لكنها مفرقة ومشتتة في أماكن مختلفة من الكتاب، ولذا يحتاج إلى جمع وترتيب على الوحدة الموضوعية.

وكفاك دليلا على مكانة هذا الإمام في علوم الحديث اهتمام اللاحقين بهذا الكتاب، وهو كما قال الحافظ ابن حجر. لكنه أحيانا يرجح رأي الفقهاء وعلماء الأصول بسبب تخصصه في الفقه والأصول. ومهما كان الأمر فكتابه في علوم الحديث يعد مصدرا مساعدا ينبغي عرضه على تطبيقات المحدثين النقاد، وذلك لأنه ناقل عن السابقين والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>