للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في موضوع التكبير عند ختم القرآن، حيث اشتهر بين القراء في طبقة متأخرة عن القرون الفاضلة دون أن يكون لذاك إسناد متصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى الصحابة. وكم من حديث اشتهر عند علماء اللغة أو الفقه أو الأصول وهو غير ثابت أصلا عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل يعده المحدثون موضوعا. وشهرة الحديث عند قوم لا يلزم

منها أن يكون صحيحا في الواقع، ومن الإنصاف الرجوع في كل علم إلى أهله.

وإذا تأملت فيما قاله البزي عن التكبير علمت أن العمل به عند اختتام تلاوة القرآن غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قوله: أن الأصل في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم انقطع عنه الوحي فقال المشركون: قلى محمدا ربه فنزلت سورة (والضحى) فقال

النبي صلى الله عليه وسلم: الله أكبر.

وذلك لأن البزي قد أقر أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر عند ختمه للقرآن الكريم من سورة (والضحى) إلى آخره، ولا عن الصحابة ولا عن تابعيهم، حين صرح بأن الأصل في التكبير الذي اشتهر بين القراء هو ما ورد في سبب نزول سورة (والضحى)، ولو ثبت العمل بالتكبير عنه صلى الله عليه وسلم ما قال البزي أن الأصل هو

ما ورد في سبب نزول سورة (والضحى).

هذا وفي ثبوت الكلمة الأخيرة ـ وهي قوله (فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الله أكبر) ـ نظر لعدم اتفاق الرواة على ذكرها في رواياتهم عن جندب، وبعض هذه الروايات موجودة في صحيح البخاري دون هذه الكلمة، وإنما انفرد بها البزي، ولذا أنكرها بعض المتقدمين عليه. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>