روى البخاري (ت: ٢٥٦) وغيره عن ابن عباس (ت: ٦٨)، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال:«أقرأني جبريل - عليه السلام - على حرف، فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني، حتى انتهى إلى سبعة أحرف».
وقد ورد في روايات أخرى:«كلها كاف شاف ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب، وآية عذاب بآية رحمة».
وورد كذلك سبب استزادة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فقال:«لقيت جبريل عند أحجار المرا، فقلت: يا جبريل. إني أرسلت إلى أمة أمية: الرجل والمرأة والغلام والجارية والشيخ العاني الذي لم يقرأ كتابًا قط، فقال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف».
وقد وقع اختلاف كبير في المراد بهذه الأحرف السبعة، وسأعرض لك ما يتعلق بهذا الموضوع في نقاط:
١ ـ أنَّ التخفيف في نزول الأحرف السبعة كان متأخرًا عن نزوله الأول، فلم يرد التخفيف إلا بعد نزول جملة كبيرة منه.
٢ ـ أنَّ هذه الأحرف نزلت من عند الله، وهذا يعني أنه لا يجوز القراءة بغير ما نزل به القرآن.
٣ ـ أنَّ هذه الأحرف السبعة كلام الله، وهي قرآن يقرأ به المسلمون، ومعلوم أنه لا يجوز لأحد من المسلمين أن يحذف حرفًا واحدًا من القرآن، ولا أن ينسخ شيئًا منها فلا يُقرأ به.
٤ ـ أن القارئ إذا قرأ بأي منها فهو مصيب.
٥ ـ أن القراءة بأي منها كاف شاف.
٦ ـ أنَّ الذي يعرف هذه الأحرف المنْزلة هو الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لذا لا تؤخذ إلا عنه، ويدل على ذلك حيث عمر وأبي في قراءة سورة الفرقان، حيث قال كل منهما: أقرأني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
٧ ـ أنَّها نزلت تخفيفًا للأمة، وقد نزل هذا التخفيف متدرجًا، حتى صار إلى سبعة أحرف.
٨ ـ أنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بين سبب استزادته للأحرف، وهو اختلاف قدرات أمته الأمية التي فيها الرجل والمرأة والغلام والشيخ الكبير.