للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعل علماء الوقف الذين قسَّموا الوقف إلى تامٍّ وكافٍ وحسنٍ وقبيحٍ، جعلوا اللفظ والمعنى عمدةً في التفريق بين هذه المصطلحات، وذكر بعضهم علة هذا التقسيم، ومنهم ابن الجزري، حيث قال: «وأقرب ما قلته في ضبطه: أن الوقف ينقسم إلى اختياري واضطراري؛ لأنَّ الكلام، إمَّا أن يتمَّ، أو لا؛ فإن تمَّ كان اختيارياً. وكونه تامَّا لا يخلو: إمَّا أن لا يكون له تعلق بما بعده البتة ـ أي: لا من جهة اللفظ ولا من جهة المعنى ـ فهو الوقف الذي اصطلح عليه الأئمة بالتامِّ، لتمامه المطلق، يوقف عليه ويبتدأ بما بعده.

وإن كان له تعلق، فلا يخلو هذا التعلق، إما أن يكون من جهة المعنى فقط، وهو الوقف المصطلح عليه بالكافي، للاكتفاء به عما بعده، واستغناء ما بعده عنه، وهو كالتام في جواز الوقف عليه والابتداء بما بعده.

وإن كان التعلق من جهة اللفظ، فهو الوقف المصطلح عليه بالحسن؛ لأنه في نفسه حسن مفيد، يجوز الوقف عليه دون الابتداء بما بعده، للتعلق اللفظي. . وإن لم يتمَّ الكلام كان الوقف عليه اضطرارياً، وهو المصطلح عليه بالقبيح، لا يجوز تعمد الوقف عليه إلا لضرورة: من انقطاع نفس ونحوه، لعدم الفائدة، أو لفساد المعنى». (١)

وهذا السبر والتقسيم الذي ذكره ابن الجزري واضح الدلالة على صحة هذا التقسيم وعلله. غير أنه يبقى أن ابن الجزري وغيره ممن تقدمه لم يوضحوا المراد باللفظ والمعنى توضيحاً جلياً.

ويحتاج القارئ في كتب الوقف والابتداء التي تعتمد هذه المصطلحات أن يعرف مرادهم باللفظ والمعنى عنده.


(١) النشر ١: ٢٢٥ ـ ٢٢٦ (بتصرف)، وانظر: منار الهدى ٩ ـ ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>