للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعتزلة، والخوارج يوافقون على أن الإيمان قول، وعمل، ولكنه لا يزيد، ولا ينقص، فإذا ذهب بعضه ذهب كله، فلهذا قالت الخوارج بكفر مرتكب الكبيرة، وتخليده بالنار إذا مات، ولم يتب، وقالت المعتزلة بخروجه من الإيمان، وأنه يكون في منزلة بين المنزلتين، فليس بمؤمن، ولا كافر، وهو مخلد في النار إذا مات من غير توبة.

وأما أهل السنة فيقولون: الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، ولا يكفرون بالذنوب؛ بل يقولون أخوة الإيمان باقية مع ارتكاب الذنب، وإن كان كبيرة؛ فالفاسق عندهم مؤمن ناقص الإيمان، وإن مات، ولم يتب فهو تحت مشيئة الله إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه بالنار ما شاء، ثم يخرجه منها بشفاعة الشافعين من الأنبياء، والصالحين، أو برحمته سبحانه وتعالى، وهو أرحم الراحمين، كما دل على ذلك قوله تعالى {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(٤٨) سورة النساء]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " يخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وفي قلبه مثقال ذرة من إيمان.

وأما إطلاق القول بأن العمل ركن أو شرط صحة، أو شرط كمال، فهي عبارات لبعض المتأخرين، وأما الأئمة فلم يطلقوا على العمل أنه ركن أو شرط، وإنما قالوا: إن العمل من الإيمان خلافا للمرجئة الذين أخرجوا الأعمال عن مسمى الإيمان، وقالوا: إن الإيمان هو تصديق القلب، وإقرار اللسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>