وإنما يجوز البدء بأحد هذه المعطوفات للضرورة، وهي كثرة المعطوفات مع طول الآية، وعدم بلوغ النفَسِ نهايتها إلاَّ بتقطيعها. وقد نبَّه ابن الجزري أن مثل هذا الطول مما يتسامح الوقف فيه وإن كان من الوقف الحسن، قال:«يغتفر في طول الفواصل والقصص والجمل المعترضة ونحو ذلك، وفي حالة جمع القراءات، وقراءة التحقيق والترتيل، مالا يُغتفر في غير ذلك، فربما أُجيز الوقف والابتداء لبعض ما ذكر، ولو كان لغير ذلك لم يُبَحْ، وهذا الذي يسميه السجاوندي: المرخص ضرورة»(١).
ولما كان (المعنى) في النوع الأول غير محدد تحديدا دقيقًا، فإنك تجد كثيرًا مما حُكِيَ فيه التمام بينه وبين ما بعده علاقة في المعنى تمنع أن يكون من قسم التامِّ.
ومن أمثلة ذلك: حكمهم بالتمام على قوله تعالى: {وجعلوا أعزة أهلها أذلة}[النمل: ٢٧]، قال ملاَّ علي قاري: «وقد يوجد قبل انقضاء الفاصلة؛ كقوله تعالى:{وجعلوا أعزة أهلها أذلة}[النمل: ٢٧]، قال ابن المصنف: هذا الوقف تامٌّ؛ لأنه انقضاء كلام بلقيس، وهو رأس آيةٍ أ. هـ. يعني قوله تعالى:{وكذلك يفعلون}[النمل: ٢٧] ابتداء كلام من الله شهادة على ما ذَكَرَتْهُ.
وفيه أنَّ له تعلقاً معنوياً، فلا يكون وقفه تاماً، بل كافياً.
وقال بعض المفسرين:{وكذلك يفعلون} أيضاً من كلامها تأكيدًا لما قبلها، فالوقف على {أذلة} كافٍ، وعلى {يفعلون} تامٌّ.
وقد يقال: لأنه كافٍ أيضاً؛ لأن ما بعده من جملة مقولها، فله تعلق معنوي بما قبله.
ثمَّ قال ـ أي: ابن المصنف ـ: وقد يوجد بعد انقضاء الفاصلة بكلمة؛ كقوله تعالى:{وإنكم لتمرون عليهم مصبحين. وبالليل}[الصافات: ١٣٧ ـ ١٣٨]؛ لأنه معطوف على المعنى؛ أي: في الصبح والليل؛ يعني: فيهما.