كتاب البداية والنهاية - ت التركي

ثم دخلت سنة أربع وستين - وقعة مرج راهط ومقتل الضحاك بن قيس الفهري رضي الله عنه - ج: 11 - ص: 676

مَرْوَانُ وَأَصْحَابُهُ صَبْرًا شَدِيدًا حَتَّى فَرَّ أُولَئِكَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَنَادَى: لَا يُتْبَعُ مُدْبِرٌ. ثُمَّ جِيءَ بِرَأْسِ الضَّحَّاكِ، وَيُقَالُ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ بَشَّرَهُ بِقَتْلِهِ رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ الْجُذَامِيُّ. وَاسْتَقَرَّ مُلْكُ الشَّامِ بِيَدِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ. وَرُوِيَ أَنَّهُ بَكَى عَلَى نَفْسِهِ يَوْمَ مَرْجِ رَاهِطٍ، فَقَالَ: أَبَعْدَ مَا كَبِرْتُ وَضَعُفْتُ صِرْتُ إِلَى أَنْ أَقْتُلَ النَّاسَ بِالسُّيُوفِ عَلَى الْمُلْكِ؟ !

قُلْتُ: وَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ فِي الْمُلْكِ إِلَّا تِسْعَةَ أَشْهُرٍ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ.

وَقَدْ كَانَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسِ بْنِ خَالِدٍ الْأَكْبَرِ بْنِ وَهْبِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ وَائِلَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ شَيْبَانَ بْنِ مُحَارِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكٍ، أَبُو أُنَيْسٍ الْفِهْرِيُّ، أَحَدَ الصَّحَابَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَدْ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْهُ أَحَادِيثَ عِدَّةً، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعَيْنِ، وَهُوَ أَخُو فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ وَكَانَتْ أَكْبَرُ مِنْهُ بِعَشْرِ سِنِينَ، وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ عَمَّهُ. حَكَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا صُحْبَةَ لَهُ، وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ الْوَاقِدِيِّ أَنَّهُ قَالَ: وُلِدَ الضَّحَّاكُ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَنَتَيْنِ.