الْجَانِبَيْنِ مِنْ بَغْدَادَ وَنُهِيَتِ الْعَامَّةُ عَنِ التَّرَحُّمِ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَالتَّرَضِّي عَنْهُ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ الْوَزِيرُ حَتَّى قَالَ لَهُ فِيمَا قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ هَذَا الصَّنِيعَ مِمَّا يُرَغِّبُ الْعَامَّةَ فِي الطَّالِبِيِّينَ وَقَبُولِ الدَّعْوَةِ إِلَيْهِمْ. فَوَجَمَ لِذَلِكَ الْمُعْتَضِدُ وَتَرَكَ مَا كَانَ عَزَمَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ لِخَوْفِهِ عَلَى الْمُلْكِ وَقَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ هَذَا الْوَزِيرَ كَانَ نَاصِبِيًّا يُبْغِضُ عَلِيًّا فَكَانَ هَذَا مِنْ هَفَوَاتِ الْمُعْتَضِدِ، سَامَحَهُ اللَّهُ.
وَفِيهَا نُودِيَ فِي الْبُلْدَانِ: لَا يَجْتَمِعِ الْعَامَّةُ عَلَى قَاصٍّ وَلَا كَاهِنٍ وَلَا مُنَجِّمٍ وَلَا جَدَلِيٍّ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ وَأَنْ لَا يَهْتَمُّوا لِأَمْرِ النَّوْرُوزِ ثُمَّ أَطْلَقَ لَهُمْ أَمْرَ النَّوْرُوزِ فَكَانُوا يَصُبُّونَ الْمِيَاهَ عَلَى الْمَارَّةِ فَتَوَسَّعَتِ الْعَامَّةُ فِي ذَلِكَ وَغَلَوْا فِيهِ حَتَّى جَعَلُوا يَصُبُّونَ الْمِيَاهَ عَلَى الْجُنْدِ وَعَلَى أَصْحَابِ الشُّرَطِ وَغَيْرِهِمْ وَهَذَا أَيْضًا مِنْ هَفَوَاتِهِ.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَعَدَ الْمُنَجِّمُونَ النَّاسَ أَنَّ أَكْثَرَ الْأَقَالِيمِ سَتَغْرَقُ فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ مِنْ كَثْرَةِ الْأَمْطَارِ وَالسُّيُولِ وَزِيَادَةِ الْأَنْهَارِ فَأَكْذَبَهُمُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِمْ هَذَا، فَلَمْ تَكُنْ سَنَةٌ أَقَلَّ مَطَرًا مِنْهُ وَقَلَّتِ الْعُيُونُ جِدًّا وَقَحَطَتِ النَّاسُ فِي كُلِّ بُقْعَةٍ حَتَّى اسْتَسْقَى النَّاسُ بِبَغْدَادَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ مِرَارًا كَثِيرَةً، وَلِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ.
قَالَ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ يَتَبَدَّى بِاللَّيْلِ فِي دَارِ الْخِلَافَةِ شَخْصٌ بِيَدِهِ سَيْفٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute